الدعوة للتغيير من داخل المعارضِة (للأنظمة العربية)
مما يسترعي الانتباه , أو نقول أنه أصبح حقيقة بديهية هو:
أن الأنظمة العربية تكاد كلها تعيش على نمط واحد يمكن إيجادها بصيغة نقاط مشتركة ألا وهي:
أولا: الاهتمام بالسياسة الخارجية على حساب السياسة الداخلية
ثانياً : السياسة الداخلية عندها تعني فقط الحفاظ على النظام
ثالثاً :السياسة الخارجية تصب في رضا الدول والتي قد يُخشى منها في المستقبل برفع الدعم والحصانة عن تلك الأنظمة
رابعاً : عموم الفساد بكل أنواعه الاقتصادي والإداري والأمني وتدهور الخدمات بكل أشكالها وأنواعها
خامساً :السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية تتجمع بيد سلطة واحدة هي رجل الدولة الأول الحاكم المستبد
في الطرف المقابل والمضاد لهذا الواقع الموجود عند الأنظمة يوجد:
تكتلات سياسية وجمعيات وأحزاب وشخصيات فكرية وسياسية رفضت ذلك الواقع ونسبت نفسها للمعارضة
الصراع الذي كان بين السلطة والمعارضة وما زال قائماً حتى الآن وسيستمر طويلا
كان نتيجة ذلك الصراع مآسي كبيرة نتيجة الاختلاف في توازن القوى بين الطرفين وميله لصالح النظام , والذي كان نتيجته المذابح الكثيرة وسفك دماء بريئة ومفقودين ومعتقلين بعشرات الألوف
ولما تبين لمعظم فصائل المعارضة في الدول العربية أن الصراع الدموي كان نتيجته الفشل الذريع , والذي أدى بدوره لزيادة قبضة السلطة الأمنية وتشديدها على المواطنين ومصادرة حرية الأفراد بشكل مطلق , مصدره خوف السلطة المستبدة على مكتسباتها السلطوية وحتى لا تضيع منها على أيدي مناهضيها
فاتجهت معظم صنوف المعارضة لدراسة المراحل السابقة وتقييم تلك المراحل الممتدة خلال عقود كثيرة , وكانت النتيجة :
أن العمل العسكري ضد هذه الأنظمة المستبدة لا فائدة مرجوة منه , والذي أدى لدماء سفكت بشتى الطرق والوسائل , ولا بد من البحث عن سبيل آخر ووسيلة أخرى
وكانت النتيجة المنطقية في تلك المراجعة نبذ العنف والتحول للنضال السياسي الممكن
ومع أن الكثير منها كانت لا يقر الديمقراطية في أولياتها ولا يؤمن فيها من حيث التطبيق , بينما نراها الآن تنادي بالحكم الديمقراطي ومدنية الدولة الحديثة
فكل معارض لنظام الحكم في الوطن العربي , ينطلق من مبدأ مفهومه:
هو أن النظام فاسد ومستبد وقامع للحريات ومخرب للوطن
وعلى هذا الأساس يجب إزالته بالوسائل السلمية , ليحل محلها نظام ديمقراطي حر يوفر الأمان والعدل والحرية للجميع
ومع هذا التقارب بالأهداف والمبادئ الرئيسية للمعارضة في الوطن العربي .
بينما توفر تسعين في المائة من جهدها لتكون موجهة للفصائل المعارضة والتي تختلف معها فكرياً , والعشرة بالمائة الباقية تخصص بعضها لنظام الحكم
الملاحظ في مصر أن الحرية في التعبير خرجت من قوقعتها , والفصائل والتكتلات والأحزاب والمفكرين والشخصيات يتحدثون علنا ويعقدون المؤتمرات ويتفقون على الوحدة والكلمة الواحدة , ولكن عند الانتخابات ,تتفتت تلك الوحدة وتضيع في غياهب المهاترات لينتهي الأمر بسبعة بالمائة يؤيدون النظام وتصل النسبة إلى ما يزيد عن الثمانين بالمائة
منذ أيام قليلة دعا أحد المعارضين السوريين لتجمع المعارضة السورية على الفيس بوك , وكانت الدعوة لها أثر على الكثير واستجاب لها العديد من الناس
وما أن بدأت حتى بدأ العراك على طبيعة الدولة القادمة , واسم الدولة ونظام الحكم هل هو ديمقراطي نيابي عربي إسلامي أم هو حكم ديمقراطي فيدرالي
مع أن مساحة سورية كلها لا تتجاوز 180ألف كلم مترا مربعا
وقس على هذه الحالات المعارضِة في الوطن العربي, وشدة الانقسامات بينها , والذي جعلت من النظام يعيش في أمان ويفعل ما يحلو له وهو السيد والباقي هم العبيد
ودائماً يتم طرح السؤال الآتي :
ما هي الوسائل والطرق والتي يمكن استعمالها لتغيير النظام ؟
البعض يقول لا يمكن ذلك إلا بالثورة الشعبية
وصنف يقول يمكن بالوسائل السلمية
وصنف آخر لا يمكن التغيير إلا بدولة قوية تطيح بالنظام المستبد
بينما فريق مع قلته ينادي بالعودة إلى السلاح
هنا السؤال المهم الذي يطرح نفسه أمام تلك الآراء المختلفة
كيف نوحد هذه المفاهيم بمفهوم شامل والذي يجمع عناصر القوة تلك بقوة فاعلة تستطيع التغيير؟
يمكن ذلك من خلال اختصار الأهداف وتجميعها تحت مظلة واحدة هي :
الإتحاد الكونفدرالي بين فصائل المعارضة , واختيار قيادة مشتركة (حكومة مركزية)
ليس مطلوب منها الكثير
الصوت الإعلامي الموحد
نوع الحكم والسلطة في البلد بعد التغيير
تكون حكومة مؤقتة لحين كتابة الدستور الدائم
السياسة الاقتصادية للحكومة القادمة ووضع المشاريع الاقتصادية للدولة , بحيث تكون جاهزة للتنفيذ بعد التغيير
التأمين الصحي والتعليم المجاني
الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية
تحويل التسعين بالمائة من نشاطها للنظام نفسه ومنظمات المجتمع المدني والحكومات الديمقراطية , والمنظمات الإنسانية والأممية , والتخاطب مع أركان موجودة في النظام ذاته والتي لم تتلطخ أيديها بالفساد والدم
بعد ذلك تستطيع توجيه النداء
فإما إجبار النظام على الجلوس والتفاوض مع الحكومة الكونفدرالية , أو التلويح بثورة شعبية
لأن أي صراع بين طرفين سينتهي بالتفاوض مهما طال الصراع , وحتى عندما يتم سحق العدو المقابل بعد فترة تلجأ الأطراف للتفاوض للوصول إلى حالة الاستقرار والسلام
وجوهر القضية والمحرك لها هم القواعد في صفوف المعارضة وصفوف الشعب السوري
وأن يكون حراك كافة الأعضاء والشخصيات والمفكرين والكتاب والعامة والخاصة للضغط على القيادات ولكل حسب موقعه وانتمائه , حتى يتم تشكيل التجمع الكونفدرالي المؤقت , حتى لا أحدٌ يستطيع القول : أنه لا يوجد البديل
وأن هذه الفكرة مطروحة من قبل بعض القيادات
وكان آخرها تصريح فضيلة المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية المهندس رياض الشقفه, والذي نادى باجتماع مع كافة الاتجاهات على النقاط المشتركة
وحسب قناعتي لو اعتمدت فصائل المعارضة في الوطن العربي هذا الأسلوب الموحد لرحلت تلك الأنظمة بدون شروط , وجلست على بيضها الموجود في البنوك العالمية هي ونسلها وذريتها
ولكن الحق لا يضيع مهما طال الزمن إن كان وراءه مطالب , وهذه الحق ليس لشخص واحد وإنما للأمة كلها
د. عبد الغني حمد و
dr.abdulghani56@hotmail.com