مهندس هشام نجار
عدد المساهمات : 276 نقاط : 479 السٌّمعَة : 6 تاريخ التسجيل : 04/04/2010 العمر : 81 الموقع : usa
| موضوع: محطات صغيره في حياة إنسان عادي ـ المحطه الثالثة عشر/ ثلاث سنوات في ليبيا ( ٣ من ٣ ) الأحد يونيو 27, 2010 3:39 pm | |
|
محطات صغيره في حياة إنسان عادي ـ المحطه الثالثة عشر/ ثلاث سنوات في ليبيا ( ٣ من ٣ ) * التصعيد (الثوري) يطال إدارتنا ... * عدنا إلى سوريا عن طريق بيروت في عز القتل على الهويه ... * يوم كانت القوانين تأتينا مترجمة من دول الرفاق ...
الإخوه والأخوات... قبل أن أتوجه مع العائله إلى سوريا, لابد من التوقف عند التصعيد الشعبي الثوري الذي جرى في إدارتنا والذي أشرت إليه في المحطه السابقه. في ذلك اليوم كنت عائدآ مع المهندس جواد من جوله لتفقد أحد المشاريع في بلدة رأس جدير على الحدود التونسيه، عدنا إلى الإداره بعد إنتهاء الدوام لم يكن فيها سوى إثنين من صغار موظفي الإداره في البهو الرئيسي, سلمنا عليهم ودخل كل منا إلى مكتبه لوضع أغراضه سبقني صديقي جواد بالخروج ثم لحقت به، وفي البهو قدم لي الموظفان ورقة مذيله بتواقيع وطلبا مني أن أوقعها، لم يكن هذا المعروض سوى طلبآ لتغيير المدير العام والتوصيه بشخص آخر بدلآ عنه لم يكن سوى موظفآ صغيرآ يعمل كاتبآ في ديوان الإداره. قلت لهم يا جماعه هذا أمر يخصكم وعملي هنا فني فقط، قالوا :ولكن الأخ العقيد القذافي طلب مشاركة الإخوه العرب المتعاقدين فى التغييرالثوري ؟ أجبتهم مشكورين انتم والأخ العقيد ولكنكم يا إخوان انتم أدروا بأمور دنياكم وعلى علم بمصالحكم أكثر من المتعاقدين وتخلصت منهم بصعوبه. قابلت صديقي جواد خارج الإداره قلت له هل وقعت على تغيير المدير ؟ قال نعم قلت له لقد أخطأت ياجواد وكنت على صواب، فلم يمض على جلوس الموظف الصغيرعلى مقعد المدير الوثير إسبوعآ حتى نقض مجلس الثوره قراره وأعادوا المدير السابق إلى مكانه، وماهي إلا إسبوعآ آخر حتى أصدر المدير قرارآ بإنهاء عقد المهندس جواد وإخراجه من ليبيا (تصوروا اعزائي إن الذي افشى سر توقيع المهندس جواد على تغيير المدير هم نفسهم الذين كانوا متحمسين لتغييره ويجمعون التواقيع ضده, مثل هذه الشله هي المفضله لدى الحكام) قلت لصديق ليبي في الإداره أثق به بلهجة ساخره تنم عن الألم: هذا جزاء من يسمع كلام العقيد فإبتسم إبتسامه ذات معنى ولم يعلق. الإخوه والأخوات... في تلك الفتره كانت القوانين الإقتصاديه في سوريا والدول العربيه الأخرى مقتبسه من انظمة الدول الشيوعيه والإشتراكيه، مثل قانون العقوبات الإقتصادي في سوريا والمترجم حرفيآ عن قوانين الإتحاد السوفيتي كل ما فيه يمنع تمنيت أن أقرأ فيه كلمة يسمح فلم أجد، مثل هذه القوانين والتي عاشت بعض السنين في بلادنا أرجعتنا دهورآ إلى مرحلة التخلف والإنحطاط ومازالت مع قوانين أخرى تجرنا الى الوراء امثال قوانين الطوارئ العجيبه ومن هذه القوانين المستورده والمعلبه إقتبس القذافي افكاره ايضآ فالكتاب الأخضر تعلم فكرته من الرفيق ماو تسي تونغ زعيم الصين, وفريق عذروات الثوره اخذ فكرتها من الرفيق كيم ايل سونغ زعيم كوريا الشماليه, اما جزاري الثوره الموكل لهم تصفية كل من يريد الخير والحريه والعدل لوطنه فقد اخذ فكرتها من الرفيق ستالين زعيم روسيا العظيم وهكذا... فكلما اتى غيرنا بتقليعه سبقناه إليها فصارت حالنا كحالة سيارة قديمه دخلت ورشة التصليح فالفرامل من شركه.. ومضخة الزيت من شركه.. ومضخة البنزين من شركه ومصابيح إنارتها من اخرى وهكذا... ولما إنطلقنا بها صرنا إعجوبه في الشوارع... وبهذه السياره الفلكلوريه العجيبه يريد حكامنا منا نحن الشعوب ان نسابق سيارات الأمم الأخرى, فتوقفت بنا في طريق السباق مرات, وارتفعت حرارة محركها مرات أخرى وإنزلقت عن الطريق مرات ومرات وطلبنا من العدو قبل الصديق ان يساعدنا على إعادتها إلى الطريق, ولايوجد في عالم السياسه مساعده بدون ان تدفع الثمن فلما فعلوا وضعوها في الإتجاه المعاكس للسباق وبدأ سائقنا يسير بالإتجاه المعاكس بهمه ونشاط وهو لايدري وكانت الطامة الهزليه الكبرى. إخوتي واخواتي... حكامنا قدسوا قبلة الأمس فولوا وجوههم شرقآ ولما إندثرت قدسوا قبلة اليوم فولوا وجوههم غربآ الا قبلة بيت الله الحرام فلم يولوا وجوههم شطرها الا للتعرف على باقي الجهات الاصليه الأربعه. إخوتي واخواتي... كل قوانين العالم تفترض حسن النيه بالمواطن وعلى هذا الأساس تبني الدوله قوانينها،أما في بلادنا العربيه فتفترض العكس، أصحاب سوء النيه موجودون في كل دول العالم وهم بنسب اكبر في الدول الأخرى وهم يحاولون دائمآ الإستفاده من ثغرات القانون فمنهم من ينجح ومنهم من يضبط متلبسآ، لذلك كانت القوانين الزجريه قاسيه للمخالفين وللمرتشين الذين يساعدون على خرق القانون ولكن مشكلتنا في بلادنا انها تحولت إلى ظاهره مستعصيه لأن المرتشين هم مفاتيح الأنظمه وهنا تكمن مأساة شعوبنا مع حكامها. أيها الإخوه والأخوات... خططنا أن نعود إلى سوريا عن طريق مصر حيث تلقينا دعوه من أخت زوجتي المقيمه في القاهره مع إسرتها لقضاء عدة أيام عندهم، إستقبلونا الجماعه بحفاوه مكثنا عندهم عدة أيام كانت القاهره في ذلك الزمان أقل سكانآ وأكثر نظافة ،زرنا معالم القاهره الجميله والأثريه وكان ختامها أن نشاهد إحدى المسرحيات المعروضه في ذلك الوقت، فاخترنا مسرحية سك على بناتك لفؤاد المهندس، دخلنا المسرح أخذنا معنا لؤي وكان عمره آنذاك أقل من سنه, كل شيئ كان طبيعيآ في العشر دقائق الأولى من المسرحيه، بعدها لم يتوقف بكاءه فحملته وذهبت به إلى صالة الإستراحه، ولكنه لم يهدأ وتأخذه غفله من النوم إلا بعد إنقضاء وقت طويل، عدت بعدها إلى الصاله لأجد الممثلين مجتمعين على المسرح ممسكين آيادي بعضهم إيذانآ بإنتهاء المسرحيه وسط تصفيق الحضور، قصفقت معهم وغادرنا المسرح، حاولت زوجتي أن تقص علي قصة المسرحيه لتخفف عني غيظي المكتوم، فشكرتها على معروفها.
https://www.youtube.com/watch?v=OoHTNoajaCY جزء من مسرحية سك على بناتك..خرجت من المسرح الى مكان الإستراحه من اجل إسكات لؤي.. ولما عدت كانت الستاره تهم بإغلاق المسرح إيذاناً بإنتهاء المسرحيه
بعد إنتهاء إجازتنا في مصر حاولنا أن نجد حجزآ لدمشق فلم نستطع فجميع الرحلات محجوزه مسبقآ لعدة أشهر،أصبنا بخيبة أمل عندما قالوا لنا ليس لكم ألا ان تحجزوا عن طريق بيروت وما أدراك ما بيروت في تلك الأيام فالقتل على الهويه كان مألوفآ فإن كنت مسلمآ وصادفك حاجز مسيحي فستكون نهايتك وكذلك العكس، آه ثم آه من حيل الكبار كيف يحركون الصغار من أجل حماية مصالحهم، فهذه الحرب لم تكن سوى لعبة الكبار على أرض الصغار مع الأسف.قالت لي موظفة الحجز: لاتخافوا يوجد هدنه في لبنان,هدنه... ؟ ولكن من يضمن هذا الهدوء المريب فكم هدنة أقرت ثم نقضت عشرات المرات في يوم واحد، يكفي أن يأتي أحد (الزعران) ويولعها بعدة طلقات من رشاشه بالفضاء لتشتعل الجبهات من جديد. توكلنا على الله وقلنا: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا . وصلنا بيروت مساءآ وبدأنا نفتش عن سيارة إجره تنقلنا إلى حلب, وجدنا غايتنا بعد عدة ساعات ظننتها أيامآ وأنطلقنا سريعآ بإتجاه طرابلس وفي غضون ساعتين كنا داخل سوريا فتنفسنا الصعداء وبدأت شهيتنا مفتوحه للطعام لأول مره منذ أن غادرنا القاهره. وصلنا حلب في ساعة متأخره من الليل وأستقبلتنا الوالده في بيتها والذي كان ملعب طفولتي ودراستي وشقاوتي ثم إستأجرنا بيتآ متواضعآ لتبدأ بعدها رحلة جديده في وطني العزيز سوريا. فإلى اللقاء مع تحياتي | |
|