محمد حسن كامل رئيس إتحاد الكتاب والمثقفين العرب
عدد المساهمات : 645 نقاط : 1180 السٌّمعَة : 21 تاريخ التسجيل : 31/03/2010 العمر : 67 الموقع : إتحاد الكتاب والمثقفين العرب
| موضوع: ولكن ليطمئنّ قلبي ... هل كان سيّدنا إبراهيم غير مطمئنّ القلب؟؟ دكتور / محمد أيمن الجمال الإثنين أبريل 26, 2010 10:19 am | |
| ولكن ليطمئنّ قلبي ... هل كان سيّدنا إبراهيم غير مطمئنّ القلب؟؟
هل كان سيّدنا إبراهيم غير مطمئنّ القلب؟ فلم يطمئنّ إلا بعد أن رأى عيانا إحياء الموتى؟؟ ولم نحن مطمئنون دون رؤية العيان؟
قد يُثار في قول سيّدنا إبراهيم المعروف : (ولكن ليطمئنّ قلبي) أنّ الإيمان عنده لم يكن كاملاً، حيث يقول الله تبارك وتعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى؟ قَالَ: أَوَلَمْ تُؤْمِن؟ قَالَ: بَلَى، وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي، قَالَ: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ، ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا، ثُمَّ ادْعُهُنَّ، يَأْتِينَكَ سَعْيًا، وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، وقد يقال: إنّ معنى هذا أنّ سيّدنا إبراهيم لم يكن مطمئنّ القلب بالإيمان بالله سبحانه.
والجواب على هذا الإشكال الذي يُثار هنا وهو أنّ سيّدنا إبراهيم لم يكن مطمئنّ القلب إلاّ بعد أن أراه الله إحياء الموتى عيانًا، وأنّه لم يطلب رؤية كيفيّة الإحياء إلاّ لأنّه متشكّك في إيمانه، أنّ سيّدنا إبراهيم عليه وعلى نبيّنا أفضل الصلاة والسلام، قد يكون سأل ربّه أن يريه كيفيّة إحياء الموتى لأمور وردت في أسباب النـزول منها:
1- لأنّه رأى دابّة قد تقسّمتها السباع والطير، فسأل ربّه أن يُريه كيفيّة إحيائه إياها، مع تفرّق لحومها في بطون طير الهواء وسباع الأرض، ليرى ذلك عيانًا، فيزداد يقينًا برؤيته ذلك عيانًا إلى علمه به خبرًا. (تفسير الطبري 3/49).
2- لِمَا جرى بين إبراهيم وبين نمروذ حيث قال له نمروذ: أرأيت إلهك هذا الذي تعبد وتدعو إلى عبادته وتذكر من قدرته التي تعظمه بها على غيره، ما هو؟ قال له إبراهيم: ربي الذي يحيي ويميت! قال نمروذ: أنا أحيي وأميت! فقال له إبراهيم: كيف تحيي وتميت؟ ثمّ قتل رجلاً وأطلق رجلاً، قال: قد أمتّ ذلك وأحييت هذا، قال إبراهيم: فإنّ الله يحيي بأن يردّ الروح إلى جسد ميت، فقال له نمرود: هل عاينت هذا الذي تقوله؟ ولم يقدر سيّدنا إبراهيم أن يقول: نعم، فانتقل إلى حجّة أخرى، قال: فقال إبراهيم عند ذلك: رب أرني كيف تحيي الموتى، قال: أو لم تؤمن؟ قال إبراهيم: بلى، ولكن ليطمئنّ قلبي، أي: عند الاحتجاج والمناظرة فيكون مخبرًا عن مشاهدة وعيان. (أسباب النزول للواحدي النيسابوري 72)، وكان طلب إبراهيم هذا من غير شكٍّ في الله تعالى ذكره، ولا في قدرته. (تفسير الطبري 3/49).
3- وقيل إنّ هذا الطلب كان عند البشارة التي أتته من الله بأنّه اتخذه خليلاً، فسأل ربّه أن يُرِيَهُ عاجلاً من العلامة له على ذلك؛ ليطمئنّ قلبه بأنّه قد اصطفاه لنفسه خليلاً، ويكون ذلك لما عنده من اليقين مؤيدًا (تفسير الطبري 3/51).
وأمّا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (نحن أحقّ بالشكِّ من إبراهيم) فمعناه أنّه لو كان شاكًّا لكنّا نحن أجقّ به، ونحن لا نشكّ؛ فإبراهيم عليه السلام أحرى ألا يشكّ، فالحديث مبنيٌّ على نفي الشكّ عن إبراهيم، والذي رويَ فيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: (ذلك محض الإيمان)، إنّما هو في الخواطر التي لا تثبت.
وأما الشكّ فهو: (توقّفٌ بين أمرين، لا مزيّة لأحدهما على الآخر) وذلك هو المنفيّ عن الخليل عليه السلام، وإحياء الموتى إنّما يثبت بالسمع، وقد كان إبراهيم عليه السلام أعلم به، يدلّك على ذلك قوله (رَبِّيَ الَّذِيْ يُحْييْ وَيُمِيْتُ).
فالشكّ يبعدُ على من تثبتُ قدمُهُ في الإيمان فقط، فكيف بمرتبة النبوة والخلّة؟ والأنبياء معصومون من الكبائر ومن الصغائر التي فيها رذيلة إجماعًا، وإذا تأمّلت سؤاله عليه السلام وسائر ألفاظ الآية لم تُعطِ شكًّا؛ وذلك أنّ الاستفهام بكيف إنّما هو سؤاله عن حالة شيءٍ موجود متقرّر الوجود عند السائل والمسؤول،... و (كيف) في هذه الآية إنّما هي استفهام عن هيئة الإحياء، والإحياء متقرّر.
ولكن لَمّا وجدنا بعضَ المنكرين لوجود شيءٍ قد يُعبّرون عن إنكاره بالاستفهام عن حالةٍ لذلك الشيء يُعلم أنّها لا تصحّ، فيلزم من ذلك أنّ الشيء في نفسه لا يصح، مثال ذلك أن يقول مدع : أنا أرفع هذا الجبل فيقول المكذب له : أرني كيف ترفعه! فهذه طريقة مجاز في العبارة ومعناها تسليم جدليّ كأنه يقول : افرض أنك ترفعه فأرني كيف ترفعه! فلما كانت عبارة الخليل عليه السلام بهذا الاشتراك المجازي خلص الله له ذلك، وحمله على أن بيّن له الحقيقة، فقال له: (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ؟ قَالَ: بَلَى)، فكمل الأمر وتخلّص من كلّ شكٍّ، ثم علّل عليه السلام سؤاله بالطمأنينة.
وطمأنينة القلب هي: أن يسكن فكرُهُ في الشيء المعتقد، والفكرُ في صورةِ الإحياءِ غيرُ محظورٍ، كما لنا نحن اليوم أن نُفكّر فيها، إذ هي فِكَرٌ فيها عِبَر، فأراد الخليل أن يعاين، فيذهب فكرُهُ في صورة الإحياء.... قال ابن عطيّة: ولا زيادة في هذا المعنى تُمكِنُ إلا السكون عن الفكر، وإلا فاليقين لا يتبعّض. (تفسير القرطبي 3/282-285).
دكتور / محمد أيمن الجمال
عدل سابقا من قبل محمد حسن كامل في الثلاثاء أبريل 27, 2010 4:17 am عدل 1 مرات | |
|
الدكتور محمد أيمن الجمّال
عدد المساهمات : 22 نقاط : 28 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 04/04/2010 الموقع : www.aymanjammal.com
| موضوع: رد: ولكن ليطمئنّ قلبي ... هل كان سيّدنا إبراهيم غير مطمئنّ القلب؟؟ دكتور / محمد أيمن الجمال الثلاثاء أبريل 27, 2010 4:03 am | |
| أشكر لك أستاذ محمد نقل الموضوع إلى هذه الزاوية...
وحبّذا لو تكرّمت فنقلت لنا تعليقك عليه، فقد كان فيه الكثير من الأفكار الرائدة والمتميّزة، التي تزيد الموضوع وضوحًا وجلاءً لك كلّ الودّ والشكر. | |
|
محمد حسن كامل رئيس إتحاد الكتاب والمثقفين العرب
عدد المساهمات : 645 نقاط : 1180 السٌّمعَة : 21 تاريخ التسجيل : 31/03/2010 العمر : 67 الموقع : إتحاد الكتاب والمثقفين العرب
| موضوع: رد: ولكن ليطمئنّ قلبي ... هل كان سيّدنا إبراهيم غير مطمئنّ القلب؟؟ دكتور / محمد أيمن الجمال الثلاثاء أبريل 27, 2010 4:31 am | |
|
أخي المفضال الكريم الدكتور/ محمد ايمن الجمال موضوع اكثر من رائع للحوار والنقاش بارك الله فيك قبيل الخوض في النقاش اود الاشارة ان ابراهيم الخليل كان امة قائمة بذاتها وهو مؤسس لعلوم ثلاثة علم المنطق وهو التفكيرالسليم المعبر عنه بلغة سليمة ولعل الحوار بينه وبين النمرود خير دليل علي ذلك منذ رؤية الكواكب والشمس وغياب كلا منهم والله لا يغيب علم التوحيد بالاستقراء والتدبير من الجمع الي الاله الواحد الاحد ولعل الحوار بينه وبين ابيه عن الاصنام منذ الصغر يشهدعلي ذك نشأة العلوم التطبيقية التي تعتمد علي المعطيات والمشاهدات ثم نظريات سرعان ما تتحول الي حقائق والحوار بين الخليل ورب الخليل سبحانه وتعالي وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى؟ الامر يحتاج الي تفسير لغوي كلمة كلمة السؤال يبدأ (( رب )) والرب هو المصدر الوحيد للعطاء أما الإله هو المخصوص بالعبودية فانت تعبد الله ربا وإلها والعطاء اما مادي او معنوي وسؤال ابراهيم مذكرة تفسيرية تفيد الاستخبارعن شئ قد سبق الايمان به انت تري اثار الكهرباء في الاضاءة وتحريك الالات والماكينات انت لم تر الكهرباء ولكنك رايت اثارها قضية ايمان ابراهيم قضية حتمية ولكنه سأل عن الاستخبار وليس عن ترجيح الايمان من عدمه (( ارني )) والرؤية البصرية ان لم يكن لها تقنين علمي في الذهن تصبح ظاهرة دون تفسير وعلي سبيل المثال كانت وقوع الاشياء نحو الارض ظواهردون تفسير ولكن بعد اكتشاف قوانين الجاذبية اصبح لها التطابق بين رؤية بصرية وتفسير علمي وابراهيم يعلم تماما ان هناك ظاهرة احياء الموتي من الله ولكن تلك التجربة من العلوم التطبيقية جعلت القياس بين الرؤية والايمان تطابقا كاملا ((كيف)) سؤال عن القدرة والحركة والكيفية وهو يجمع اصول علم الكمياء من عناصر اولية الي مركبات كميائية الي تشكيل هيئة الي احياء من ممات واذا كان الانسان قد شاهد الموت((وهو التحليل)) فراق الروح و....فان العودة للحياة هي الطريق العكسي للموت بدءاً من العناصر الي المركبات الي العظام الي الاوعية الدموية الي اللحم الي الجلد الي التصوير الي عودة الروح الي البعث والنشور ((تحيي الموتي)) وكل من غادرت روحه جسده فهو ميت والموت اما موت اصغر وهو النوم وموت اكبر وهو خروج الروح دون عودتها الي الجسد وهذا ينطبق علي كل الكائنات وكل كائن له قانون يحكمه حسب خلاياه ووظائفه ومن رحمة الله بنا وبإبراهيم هذا السؤال من الله (( قَالَ: أَوَلَمْ تُؤْمِن؟ )) والهمزة في السؤال تفيد الاستخبار عن الاستقرار لايمان ابراهيم والايمان هو عقيدة لاتناقش مرة اخري وهو مؤخوذ من عقدت الشئ مثل العقدة حتي اصبح غير مناقش اصبح عقيدة وكانت اجابة ابراهيم (( قَالَ: بَلَى، وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قلبي)) وبلي اي نعم وهي صيغة الاجابة علي سؤال منفي ولكن تفيد الاستدراك ان السؤال ليس في عدم اطمئنان ابراهيم ولكنه سؤال يفيد تفسيراً لظاهرة ابراهيم سبق ان امن بها ولكنه طلب تفسيرا يغذي المنطق الحسي والعقلي والفكري لتأسيس العلوم الثلاثة السالفة الذكر والله اعلم وللحديث بقية محمد محمد حسن كامل __________________ محمد حسن كامل كاتب ومفكر بباريس رئيس جمعية تحيا إفريقيا بفرنسا سفير سلام في فيدرالية السلام العالمي التابعة للأمم المتحدة منتديات إتحاد الكُتاب والمثقفين العرب https://alexandrie.yoo7.com/forum.htm paris1506@hotmail.fr ت 0040734350175 | |
|