منتديات إتحاد الكُتاب والمثقفين العرب
منتديات إتحاد الكُتاب والمثقفين العرب ترحب بك عزيزي الزائر إذا كنت غير مسجل تفضل بالتسجيل هنا حتي تستطيع مشاركة كبار كتاب الوطن العربي والحوارالمباشرمعهم
نتمنى قضاء أمتع الآوقات بصحبتنا
مع تحيات إدارة إتحاد الكتاب والمثقفين العرب
منتديات إتحاد الكُتاب والمثقفين العرب
منتديات إتحاد الكُتاب والمثقفين العرب ترحب بك عزيزي الزائر إذا كنت غير مسجل تفضل بالتسجيل هنا حتي تستطيع مشاركة كبار كتاب الوطن العربي والحوارالمباشرمعهم
نتمنى قضاء أمتع الآوقات بصحبتنا
مع تحيات إدارة إتحاد الكتاب والمثقفين العرب
منتديات إتحاد الكُتاب والمثقفين العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات إتحاد الكُتاب والمثقفين العرب

إتحاد الكتاب والمثقفين العرب منتديات ثقافية إجتماعية تضم خيرة أقلام الوطن العربي ومفكريه
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» اهداء الى الرفيق العزيز حامد الرعد‏‏ / د. لطفي الياسيني
مفهوم الشعرية في النص الروائي - ريم العيساوي Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 20, 2018 8:59 pm من طرف لطفي الياسيني

» تهنئة للطوائف المسيحية المحتفلة بعيد احد الشعانين غدا / د. لطفي الياسيني
مفهوم الشعرية في النص الروائي - ريم العيساوي Icon_minitimeالجمعة أبريل 07, 2017 11:29 pm من طرف لطفي الياسيني

» غموض البياض الأخير
مفهوم الشعرية في النص الروائي - ريم العيساوي Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 21, 2017 2:43 pm من طرف محمد الزهراوي أبو نوفل

» اليأس سم النجاح
مفهوم الشعرية في النص الروائي - ريم العيساوي Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 02, 2015 6:27 pm من طرف عبد الرحمن محمود

» الديمقراطية.. هل تناسبنا؟
مفهوم الشعرية في النص الروائي - ريم العيساوي Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 02, 2015 5:56 pm من طرف عبد الرحمن محمود

»  كلابيب الفشل وبراثن النجاح
مفهوم الشعرية في النص الروائي - ريم العيساوي Icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 29, 2015 12:50 am من طرف عبد الرحمن محمود

» كلابيب الفشل وبراثن النجاح
مفهوم الشعرية في النص الروائي - ريم العيساوي Icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 29, 2015 12:08 am من طرف عبد الرحمن محمود

» كتاب علم الساعة توضيح وبيان وتفسير مالم يفسر من القرآن مباشر دون احالة
مفهوم الشعرية في النص الروائي - ريم العيساوي Icon_minitimeالخميس أغسطس 06, 2015 11:45 am من طرف عبدالرحمن المعلوي

» كتاب علم الساعة توضيح وبيان وتفسير مالم يفسر من القرآن مباشر دون احالة
مفهوم الشعرية في النص الروائي - ريم العيساوي Icon_minitimeالخميس أغسطس 06, 2015 11:36 am من طرف عبدالرحمن المعلوي

» رواية من سيفوز في مباراة التنس مجزاه
مفهوم الشعرية في النص الروائي - ريم العيساوي Icon_minitimeالثلاثاء يوليو 21, 2015 6:27 pm من طرف احب ان اكون مؤلفة


 

 مفهوم الشعرية في النص الروائي - ريم العيساوي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ريــم العيـساوي

ريــم العيـساوي


عدد المساهمات : 33
نقاط : 85
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 17/06/2010

مفهوم الشعرية في النص الروائي - ريم العيساوي Empty
مُساهمةموضوع: مفهوم الشعرية في النص الروائي - ريم العيساوي   مفهوم الشعرية في النص الروائي - ريم العيساوي Icon_minitimeالخميس يونيو 17, 2010 10:54 pm

مفهوم الشعرية في النص الروائي


يقول الناقد الفرنسي جان إيف تاديي Tadie Jean Yve في كتايه "Le recit poetique " القصة الشعرية : ( إن كل رواية هي بقدر ما قصيدة ،، وكل قصيدة هي في بعض الدرجات قصة ).

ومن المتفق عليه أنّ الرواية جنس أدبي لا يعرف الاستقرار يعيش حركة التطور والبحث عن جدة الأساليب وفنيات الكتابة.

والرواية أكثرالفنون انفتاحا على بقية الأجناس ، ولمرونتها فهي

تستلهم الشعري وتدخله في نسيجها مما يضفي عليها جمالية مثلما يضفيه السرد على القصيدة فيكسبها عمقا وطرافة.

ومن الملاحظ أن العرب ركّزوا دراساتهم على السرد في الشعر، بينما قلّ اهتمامهم بالشعرية في السرد .مع العلم أن النقد الغربي حفل بهذه الظاهرة وهي ظاهرة قديمة حديثة *

على مستوى الممارسة الإبداعية قديما لم تكن هناك قطيعة بين الشعر والسرد ،فالإلياذة و الأوديسة ومغامرات الفروسية واءمت بين الشعر والسرد .

وفي العصر الحديث وخاصة في الشعر الانجليزي ( قصيدة اليوت الأرض اليباب ) فإنّ العديد من النقاد الغرب رصدوا ظاهرة التفاعل بين الشعر والسرد منهم " دومينيك كومب " Domminique Combe" في كتابه" الشعر والقصة " وهو بحث جاد في تأكيد التآلف بين الشعر والسرد وما كتبه " لوران جيني " " Lurent Jenny قي مقاله : "الشعرية والسردية " Poetique et narrative .





* كان اختزال الشعر مع أرسطو عزز العلاقة بين الشعر والسرد حتى القرن الثامن عشر ثم نشأت القطيعة في فرنسا في أواخر القرن التاسع عشر وتدعمت في القرن العشرين .



ويقر الناقد الفرنسي " جون إيف تادييه Jean Yve Tadie" العلاقة التواصلية بين القصيدة والرواية ويشير إلى منهجه بالقول :"إنّ القصة الشعرية غير المنظومة شكل قصصي يستعير من الشعر وسائله و أطره إلى حد أنّ تحليل هذا الشكل يحتم آليات تحليل الرواية والشعر(.. ) والقصة الشعرية تحتفظ بالجانب القصصي من الرواية بما في ذلك الشخصيات المحركة للأحداث في مكان ما وفي زمن ما ، وفي الوقت نفسه تستدعي آليات الشعر

( اللغة و أساليبها ) .

وإذا كان " تودروف Todorov " و" جينيت Genette "عالجوا القصة على أنها " جملة " فهو عالجها باعتبارها "قصيدة" وباعتبارها نثرا.

تلخص الدراسات الغربية لظاهرة الشعرية الروائية في مسارات أربعة :

- 1 ) مسار تاريخي لمراحل الرواية الحديثة ، يمثله "ألبريس ريني ماريل " .

- 2 ) مسار نوعي ، في علاقة الشعر والرواية أوجه الاختلاف والائتلاف يمثله "هنري بوناي " .

- 3) مسار تشاؤمي ، باعتبار تحول الرواية من الواقعية إلى الغنائية يعد دلالة واضحة على أزمة الرواية وهذا المسار يمثله " ميشال ريمون "

- 4 ) مسار فني ، في سبر خصائص الرواية الشعرية بنية وأسلوبا ، يمثله " جون إيف تادييه "

مجملا هكذا تجلت ظاهرة الشعرية الروائية في الخطاب النقدي الغربي .

ورغم الحدود الصارمة بين الأجناس التي شرّعتها المرجعية النقدية الغربية فإن العملية الإبداعية عملت على كسر هذه الحدود بتأليفها بين السرد والشعر .

المتأمل في المدونة النقدية العربية وخاصة منها القديمة يلاحظ الفصل القاطع بين الشعر والنثر وكان حد الشعر عند النقاد العرب

يبنى على التقابل مع النثر ،بينما الممارسة الإبداعية ترفض هذا التقابل ، هذا وقد أثبت السرد حضوره في الشعر منذ الجاهلية في شعر امرئ القيس وشعر عمر بن أبي ربيعة . وبلغت قمة التفاعل بين الشعر والسرد في الممارسة الأدبية العربية مع جبران خليل جبران( 1883 – 1 193 ) تجلت في كتابه"الأجنحة المتكسرة"

تناغم فيها السردي بالشعري . وإذا قويت هذه الظاهرة في المرحلة الرومانسية ، فإنها خفت في المرحلة الواقعية بسيطرة الرواية واختفاء الشعر فيها أو كاد في فترة الخمسينات والستينات والسبعينات . في الثمانينات تظهر عدة روايات ترشح شعرا أو مثلما يقول نزار قباني " رواية مغتسلة بأمطار الشعر "مثل روايات " الشحاذ " لنجيب محفوظ ، و" رامة والتنين والزمن الآخر " لإدوار الخراط ورواية " وليمة لأعشاب البحر"لحيدر حيدر ورواية " الماء والنار "لعبد الله علي خليفة ، ورواية " ذاكرة الجسد " و " فوضى الحواس " لأحلام مستغانمي ، وغيرها . ولانتشارهذا النوع من الرواية تنبه النقاد العرب لدرس هذه الظاهرة ،وهي عناية تبقى محتشمة ومحدودة *

لكن إدوار الخراط أبرز من اهتم بهذه الظاهرة ، سواء من الناحية الاصطلاحية أو من الناحية الإجرائية . خصص لها كتابين :

" مهاجمة المستحيل " ويمثل الناحية التنظيرية للظاهرة وكتاب

" الكتابة عبر النوعية " الذي يمثل الناحية التطبيقية ويعبر عن حلول الشعري في المحكي السردي في تجاربه الإبداعية قائلا :

" إنّ القصص والروايات التي كتبتها منذ الأربعينات وحتى الآن يسري فيها روح شعري قوي ومخامر ( هكذا )وأساسي وليس مجرد إضافة أو زينة أو اقتحام بل هو نوع من الانصهار بين عناصر السرد القصصية وعناصر الشعر الأساسية "





*نذكر بعض من اهتم بظاهرة الشعرية الروائية : - فصل "الخطاب الشعري والخطاب الروائي" ضمن كتاب " القراءة والتجريب " لسعيد يقطين – وكتاب " تحليل شعرية السرد للدكتور صلاح فضل – وكتاب " سرد يات الرواية العربية المعاصرة " لصلاح صالح .







كيف تتجلى مظاهر الشعرية في النص الروائي ؟

كيف تبنى العلاقة الجدلية بين الشعري والسردي ؟ رغم أن لكل جنس خصائصه الفنية ومقوماته .كيف يتحقق التفاعل بين جنسين مختلفين؟ وبلغة أخرى كيف تتأسس العلاقة بين الشعري والسردي ؟

تقوم الظاهرة الشعرية في الرواية في أول مظهرها على مستوى اللغة والمعجم فكيف تتجلى شعرية اللغة ؟

من المعروف أنّ شعرية الشعر تتحقق في اللغة أصلا ،والشاعر هو خالق الكلمات وترتبط عبقريته بإبداعه اللغوي . وإذا كانت اللغة هي المحددة لشعرية الشعر، فإنّ الدارس لشعرية النص السردي يولي اهتمامه نحو اللغة ، لذلك يقول " جان إيف تادييه "في وصفه لأسلوب القصة الشعرية :" إنّ المرء لا يدرك أنّ قصة من القصص توسم بميسم الشعر ، إلا إذا انطلق من دراسة اللغة ، فلا مفهوم الشخصيات ولا مفهوم الزمان أو المكان ولا مفهوم بنية القصة تعد شروطا كافية لذلك ، أما التكثيف والإيقاع الموسيقي والصور فلا تغيب أبدا فهي تصل إلى حد خلق الانطباع بأنك تقبل على هذه القصص وكأنما تقرأ قصائد نثرية طويلة "

مع العلم أنه فيما يتعلق بالسرد ،فإنّ المباحث التي تتعلق بمعجم الرواية ضمن مبحث خاص أو عام تكاد تكون معدومة ، وأنّ هذه المسألة رغم أهميتها فإنه لا أحد من النقاد العرب عني بها وحتى النقاد الغربيين على عنايتهم الكبيرة بالمسائل السردية فهم يولون اهتمامهم بالشخصية والحيز والزمان والحدث أكثر من اهتمامهم باللغة ، عامة فإن العناية بمعجم الرواية تكاد تكون نادرة .

كما أن مسألة المعجم مسألة خلافية سواء في القديم أو في الحديث .

يخصص ابن رشيق ( 390ه – 456 ه )في كتابه " العمدة "

بابا للفظ والمعنى ، يرد ضمنه أنّ للشعراء ألفاظا معروفة وأمثلة مألوفة ، كما أن للكاتب ألفاظا لا يتجاوزونها إلى سواها ( العمدة ط دار الجيل 1981 ج1 ص 128 )

كما ذكر ابن الأثير في كتابه المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر :" من الألفاظ ما يعاب استعماله نثرا ولا يعاب نظما "ويلح علىفكرة انتقاء الألفاظ واختيارها وهنا يتبين اهتمامه باللفظ المفرد ومما يمكن ملاحظته أنّ النقاد القدامى تناولوا مسألة اللفظ ضمن مباحثعامة .وقدامة ابن جعفر ( 260- 327 ) في كتابه " نقد الشعر "

له مبحث في الفصل الثاني وسمه بنعت اللفظ بيّن فيه الصفات المشروطة في ألفاظ الشعر. غير أن هذه العناية باللفظ تراجعت بفعل آراء عبد القاهر الجرجاني الذي بين في كتابه " دلائل الإعجاز" وبفضل نظرية النظم :" أنّ اللفظة تكتسب شعريتها عن مجاورتها للفظة أخرى مؤكدا أن الشعرية هي شعرية التركيب لا شعرية اللفظة المفردة" .

وفي النقد الحديث نجد امتدادا لهذه النظرية ، فالنقد الحديث في مباحثه في شعرية الشعر أو شعرية الرواية أو شعرية القصة القصيرة يربط بين البحث في شعرية اللفظ وشعرية التركيب وشعرية الصورة وغيرها ، والقليل من النقاد المحدثين حصروا شعرية النص في اللفظ .

ومع بعض الاختلافات في مسألة الشعرية فالنقاد المعاصرون شبه متفقين على أنّ لغة الشعر هي لغة الذات والوجدان والمشاعر ، بينما لغة الرواية هي لغة الموضوع والمرجع والواقع .

القليل من الدراسات في شعرية النصوص والدراسات الأسلوبية عملت على الإحصاء لتحديد تواتر مفردات بعينها والخلاص إلى معايير وصفية معينة وهذه الطريقة دقيقة وعلمية .

تمثل ظاهرة التكرار في النص الأدبي ميزة جمالية ، وهي ظاهرة مرتبطة بالشعر لا بالرواية . ذكر ابن رشيق في كتاب العمدة :

"للتكرار مواضع يحسن فيها ومواضع يقبح فيها ،وأكثر ما يفع التكرار في الألفاظ دون المعاني ".

وتبرز ظاهرة التكرار في الشعر الحديث ( قصيدة أنشودة المطر لبدر شاكر السياب ) ، كما تتجلى في شعر كل الأمم .



يبين الأستاذ محمد الهادي الطرابلسي في دراسته لأسلوب طه حسين بقوله :" أما الترديد فهو الإعادة الموظفة توظيفا خاصا

لتأكيد المعنى وحصر الضوء فيه وتعميق الشعور به أو إحداث وقع في الكلام يطرب النفس ، فيكون له مفعول الشعر "

إنّ التكرار المكثف للكلمة ، يحتفي باللفظ ويكسب الكتابة بعدا غنائيا والتكرار يحقق المبدع من خلاله الوظيفة الشعرية ،

وبصورة أدق ، إذا اتكأ الروائي على معجم ينتمي لحقل الوجدان

والتأثير في المتقبل يحقق الوظيفة الانفعالية .

مثال على شعرية الرواية عند الروائية أحلام مستغانمي ، ونستدل بمقطع من ذاكرة الجسد :" ما دام الفراق هو الوجه الآخر للحب ، والخيبة هي الوجه الآخر للعشق ، لماذا لا يكون هناك عيد للنسيان

يضرب فيه سعاة البريد عن العمل ، وتتوقف فيه الخطوط الهاتفية وتمنع فيه الإذاعات عن بث الأغاني العاطفية ... ونكف فيه عن كتابة شعر الحب !منذ قرنين كتب فيكتور هيجو لحبيبته جوليات دروي يقول Sad كم هو الحب عقيم ، إنه لا يكف عن تكرار كلمة واحدة " أحبك "وكم هو خصب لا ينضب ... دعيني أدهشك في عيد الحب ..و أجرب معك ألف طريقة لقول الكلمة الواحدة نفسها في الحب .. دعيني أسلك إليك الطرق المتشعبة الألف وأعشقك بالعواطف المتناقضة الألف وأنساك وأذكرك يتطرف النسيان والذاكرة " .

ولا تقف الشعرية عند اللفظ بل تتجاوزها إلى التركيب ، والنظر في شعرية التركيب أي في علاقة المفردات ببعضها . وشعرية التركيب تتجلى في مستويين : - المستوى البلاغي أو ما يسمى بالتركيب المجازي والمستوى الثاني هو المستوى النحوي وهو الانحراف والخروج عن قواعد النحو .

والبحث في شعرية التركيب من جهة النحو وقواعده يتجلى أيضا في مستويين : المستوى الأول في طريقة ترتيب الكلمات في جملة واحدة . ويتمثل المستوى الثاني في طريقة تركيب الجمل في مقطع سردي واحد .

ومن خلال هذا العدول تتولد شعرية الخطاب الروائي ،وتتجسد في عملية التقديم والتأخير، وليس هذا أنّ كل تقديم وتأخير يولّد الشعرية ولكن نعني ظاهرة التقديم والتأخير التي تحمل قيمة جمالية وفنية أي تتحول الجملة من حيادية النثر إلى غنائية الشعر. هذا وأكثر النقاد القدامى منهم والمحدثون اعتبروا هذه الظاهرة سمة من سمات الشعر وخصيصة من خصائصه ،ويوضح ابن الأثير في كتابه :

" المثل السائر " بقوله :" والذي عندي ( التقديم والتأخير ) يستعمل على وجهين ، أحدهما الاختصاص والآخر مراعاة نظم الكلام " ويبين ميزته للخطاب الشعري ويؤكد الوظيفة الجمالية التي يؤديها .

و أبرز من اهتم بظاهرة التقديم والتأخير مدركا وظيفته الجمالية هو عبد القاهر الجرجاني الذي خصص له فصلا في كتابه " دلائل الإعجاز" ، قال عنه :" هو باب كثير الفوائد، جم المحاسن واسع التصرف بعيد الغاية لا يزال يفتر لك عن بديعة ويفضي بك إلى لطيفة ، ولا تزال ترى شعرا يروقك سمعه ويلطف لديك موقعه، ثم تنظر فتجد سبب أن راقك ولطف عندك أن قدم فيه شيء وحول اللفظ من مكان إلى مكان " .

ومن النقاد الغرب الذين اهتموا بجمالية التقديم والـتأخير الناقدالفرنسي " جان كوهين " قال في كتابه " بنية اللغة الشعرية "

من حقنا اعتبار التقديم والتأخير ملمحا مميزا للشعر" وتحدث عن الانحراف النحوي الذي يطرأ على الجملة كما اهتم لهذه الظاهرة فيكتابه " اللغة العليا "

كيف حولت أحلام مستغانمي ظاهرة التقديم والتـأخير من خصيصة

شعرية إلى خصيصة روائية ؟

ما نلاحظه تواتر ظاهرة التقديم والتأخير في مساحة نصية محدودة

ويتضح وعي الكاتبة بالوظيفة التأثيرية وهي التي تركز على المرسل إليه ثم الوظيفة الجمالية : لو نظرنا للمثالين

- "على أصابع الجرح أعود إلى الوطن – مشيا على جرحي الأخير أعود إليه على عجل . قدمت الكاتبة الحال لغرض حصر الاهتمام و إبراز حالة الذات الساردة وهي حالة ألمووجع ومعاناة ،والتقديم كان له وقع في نفس المتلقي وهذا الخرق في بناء الجملة يحدث للمتلقي مفاجأة تدهشه وغرابة تثيره ما دام التركيب الجديد ليس في مستوى توقعه .

- موجعة تلك الغربة – موجعة هذه العودة .

- قدمت الكاتبة الخبر على المبتدأ وهذا التقديم بجعل الخبر في الصدارة ، يخفي رغبة الكاتبة في حصر الدلالة إذ ليس همها الإخبار عن الغربة أوالعودة بل همها الإخبار عن وجع الذات التي عانت ألم الغربة و ألم العودة . للتقديم وظيفة تأثيرية بتعميق الإيحاء للمتقبل بحالة الذات المتوجعة وتشرك المتقبل في عواطفها وإن حضور التقديم والتأخير كان لدواع جمالية والاستناد على هذه الخصيصة لإضفاء ملامح شعرية على الرواية وإدراج الخطاب الروائي ضمن ما سماه " جان إيف تاديي " JEAN Yve Tadie بالمحكي الشعري .

- نلاحظ كيف تضفي هذه الظاهرة ظلالا شعرية على الكتابة السردية ، هذا على مستوى الجملة ، كيف تظهر الشعرية في تركيب المقاطع ؟

- النقاد القدامى اتفقوا على مبدأ الفصل في الشعر و التسلسل في الكتابة النثرية ،ويؤكد النقاد القدامى ظاهرة القطع في الشعر وهو الانتقال المفاجئ غير المتوقع وكذلك النقاد المحدثون معتبرين أن التفكك التركيبي يكسب النثر درجة من درجات الشعرية وما نستخلصه ، أن الجملة في الخطاب الروائي وفي السرد عامة تترابط ترابطا منطقيا سببيا ، في حين أن التركيب في الشعر الحديث يخضع للتفكك .

يخضع الروائي عادة إلى منطق السرد وإذا عدل عن منطق السرد وانحاز إلى منطق الشعر في تفكيك التراكيب وانعدام التسلسل المنطقي حقق الشعرية في السرد .

مثال على احترام منطق السرد :" أنت تملئين ثقوب الذاكرة الفارغة بالكلمات فقط ، وتتجاوزين الجراح بالكذب . وربما كان هذا سر تعلقك بي ،أنا الذي أعرف الحلقة المفقودة من عمرك وأعرف ذلك الأب الذي لم تريه سوى مرات قليلة في حياتك ، وتلك المدينة التي كنت تسكنها ولا تسكنك ، وتعاملين أزقتها دون عشق ، وتمشين وتجيئين على ذاكرتها دون انتباه "

( ذاكرة الجسد ص 43 )

مثال على خرق السرد :

" هناك مدن جميلة كذكرى ، قريبة كدمعة ، موجعة كحسرة ..

هناك مدن ... كم تشبهك !

فهل يمكن أن أنساك في مدينة اسمها ...غرناطة ؟

كان حبك يأتي مع المنازل البيضاء الواطئة ، بسقوفها القرميدية الحمراء ...

مع عرائس العنب ... مع أشجار الياسمين الثقيلة ...مع الجداول التي تعبر غرناطة .. مع المياه .. مع الشمس .. مع ذاكرة العرب.

كان حبك يأتي مع العطور والأصوات والوجوه ، مع سمرة الأندلسيات وشعرهنّ الحالك .

مع فساتين لفرح ... مع قيثارة محمومة كجسدك .. مع قصائد لوركا الذي تحبينه .. مع حزن أبي فراس الحمداني الذي أحبه "

( ص 216 )

نلاحظ في المقطع الأول استجابة لمنطق السرد الذي يتسم بالتسلسل ، أما المقطع الثاني فالجمل فيه قصيرة والربط فيها بدا مفقودا ،وهذا يقرب السرد من الشعر الحديث لقد ساهم بناء الجملة وبناء المقطع في توليد شعرية الخطاب الروائي .

شعرية الصورة : يتميز الشعر بالتصوير والأساليب البلاغية ، وهذا لا ينفي أنّ لغة السرد قد تستخدم الصور والمجازات ، فلا تكاد تخلو رواية من التصوير والصياغات المجازية ، لكن حضور هذه العناصر في السرد حضور مختلف عنه في الشعر ، بقدر ما يشيع في الشعر فهو نادر في السرد .

ما مدى حضور الصورة في رواية أحلام مستغانمي " ذاكرة الجسد " ؟

من الملاحظ أنّ أحلام تحتفي بلغتها احتفاء كبيرا ، حتى لكأنّ اللغة هي المحور تتصدر لغتها المقام الأول وتتلون بخصائص الشعرية ، وتتسم لغتها بالانزياحات والمنافرة ، لغة زاخرة بالصور الشعرية وخاصة الاستعارة وهذا ما يدعم شعرية هذه اللغة باعتبار الأهمية التي تحظى بها الاستعارة قديما وحديثا عند العرب وعند الغرب من أرسطو إلى جون كوهين الذي يقول :" إنّ المنبع الأساسي لكل شعر هو مجاز المجازات وهو الاستعارة وهي غاية الصورة" ( بنية اللغة الشعرية ص 170 ).

في ذاكرة الجسد تتوالد الاستعارات وتتناسل وهي في أغلب الأحيان استعارات مركبة ،تشكل الاستعارة عناقيد من الصور فتتكثف الإيحاءات وتثير فينا اللغة متعة التلذذ بالشعر .

اللغة مشحونة بالتوتر تقوم على التصوير والتخييل . يقول خالد بن طوبال بطل ذاكرة الجسد :" يحدث أن أجلس في الخارج

لأتفرج على نهر السين وهو يتحول إلى إناء يطفح بدموع مدينة تحترف البكاء " ( ص 160 )

هذه الصورة مرتبطة بحالة الذات والتي تعيش حالة حزن واغتراب فتنعكس على العالم الخارجي فالمدينة تشاركها مشاعرها وتخرج اللغة عن وظيفة الإخبار إلى الإيحاء بحالة الذات المتألمة .

مثال على شعرية التصوير ، يخاطب خالد حبيبته حياة :

" ترى صوتك الذي تعودت عليه حد الإدمان .

صوتك الذي كان يأتي شلال حب وموسيقى فيتدحرج قطرات لذة عليّ ..

حبك هاتف يسأل وأشك ؟

يدثرني ليلا بلحاف من القبل ، يترك جواري عينيه قنديل شوق عندما تنطفئ الأضواء " ( ص 184- 185 )

نرى كيف تتراكب الصور ، ربطت الكاتبة بين صوت الحبيبة وصوت الشلال ، ثم ربطت الشلال في علاقة أخرى بالحب والموسيقى ثم ربطت فعل التدحرج بالصوت وربطت فعل التدحرج بقطرات لذة ، تبلغ اللغة درجة من الإيحاء والكثافة في التصوير .

صوتك الذي كان يأتي شلال حب وموسيقى فيتدحرج قطرات لذة عليّ

I I I____________ I I________I I I I___I

I I مجاز مجاز I I مجا ز I

I I_______________________________ I I______ I

I_______________مجاز___________________________ _I

من الملاحظ أن الكاتبة أفرغت الدوال من مدلولاتها الاصطلاحية

و شحنتها بمدلولات جديدة تتباعد فيها علاقات المشابهة مما يثير المتلقي ويدفع خياله للتخيل والتصور .وكثافة التصوير تسهم في تعزيز الطاقة الإيحائية وإضفاء مسحة من الغموض الفني تترك القارئ بين إمكانات دلالية مختلفة .

الإيقاع :يتمثل في التكرار والتوازي التركيبي والشكل الطباعي ،

والإيقاع هو من مقومات الشعر وخصائصه وهو غير مشروط بالوزن . كيف يتولد الإيقاع في الكتابة النثرية ؟ وكيف يولد الأبعاد الشعرية ؟

يتجسد الإيقاع في ظاهرة التكرار والترديد بمختلف أشكاله ، ترديد حروف ، كلمات ، مقاطع ، حركات تراكيب .

مثال ترديد صيغة صرفية واحدة : "فهل يمكن لي اليوم بعدما قطعت بيننا الأيام جسور الكلام أن أقاوم هذه الرغبة الجنونية لكتابة هاتين القصتين معا كما عشتهما معك ودونك بعد ذلك بسنوات رغبة .. عشقا ..حلما ..حقدا ..غيرة ..خيبة ..

وجائع حد الموت ..( ص47 )

تكرار بنية نحوية متماثلة :" هاهي قسنطينة باردة الأطراف والأقدام محمومة الشفاه ، مجنونة الأطوار "

تكرار مركبات الجر : " رحلت قسنطينة معك ، دخلت في ظلك ، في مشيتك ، في لهجتك وفي سوار كنت تلبسينه ( ص117 )

اللازمة : تكرار كلمة أو جزء من كلمة أو جملة في موقع معين من النص يؤدي وظيفة إيقاعية ووظيفة دلالية ، مثال :

"الوقت سفر ...

مراكب محملة بالأوهام عادت وأخرى بحمولة بالحلم ذاهبة ، ضحك البحر لما رآني أبحر على زورق من ورق ، وأرفع الكلمات أشرعة في وجه المنطق ، عساني أعرف كيف كل هذا قد حصل .

الوقت مطر ..

غيمة تغادر الهاتف وتأتي كي تقيم في حقيبتي وخلف نافذة الخريف مطر خفيف ...يطرق قلبي على مهل ..

الوقت قدر ..." ( 329 )

التوازي التركيبي :بناء نحوي واحد لبعض الجمل يحدث إيقاعا ونغما تطرب له الأذن ويحول الكلام من رتابة النثر إلى إيقاع الشعر مثل :

" شهيّتين شفتاك كانتا كحبات توت نضجت على مهل

عبقا جسدك كان كشجرة ياسمين تفتحت على عجل

هذا التركيب المتوازي يكسب الكتابة شعرية واضحة .

وهو أبرز مولد من مولدات الإيقاع .

الشكل الطباعي : يتعلق بإيقاع البياض بالمقابل إلى إيقاع السواد وهو التكرار والتوازي . والبياض هو إيقاع الصمت

و هو العلامة الطباعية للوقفة أو السكوت وفي تردد الكلام بين الصوت والصمت يتولد إيقاع ما ، مثال من ذاكرة الجسد

"نزحف موسيقى تيودراكيس نحوي .. وتخترقني

نغمة...نغمة . جرحا جرحا ..

بطيئة ...ثم سريعة كنوبة بكاء .

خجولة ...ثم جريئة كلحظة رجاء .

حزينة ...ثم نشوى كتقلبات شاعر أمام كأس .

مترددة ...ثم واثقة كأقدام عسكر " ( ص 393 )

من هذا التردد بين امتداد السواد وتراجعه وبين امتداد البياض وانسحابه يعكس ترددا بين الصوت والصمت بين القوة والضعف .

تغدو الحكاية حكايتين حكاية يقولها السواد وحكاية يقولها البياض والصمت وفي التردد بين الحكايتين ينشأ الإيقاع .

إنّ كل هذه العناصر من معجم وتركيب وصورة وإيقاع عناصر مكونة لشعرية النص ،إضافة إلى شعرية الحكاية بمضامينها وساردها وشخصياتها ومكانها وزمانها . ما الذي يجعل حكاية ما شعرية و أخرى حكاية غير شعرية ؟

إنّ البحث في شعرية المضامين لا يعني أن للشعر مواضيعه الخاصة ، بل المقصود أن الشعر يطرق مواضيع دون غيرها وبالتالي يصبح الحضور المكثف لتلك المواضيع في رواية من الروايات مظهرا من مظاهر شعريتها .

إن قضايا الحب والموت والغربة والقلق الوجودي والسياسة قضايا تناولها الشعر ومازال ، ولا تغيب هذه المواضيع في الرواية الحديثة . حكاية الحب في ذاكرة الجسد لا تختلف عن حكايات الحب التي جاءت في الشعر ، فالرواية تنفتح كأغلب قصائد الغزل على غياب الحبيبة الذي يبعث على الذكرى ، وهي حكاية تذكر بالشعر الرومانسي .

وتنفتح الرواية بعودة خالد إلى قسنطينة بسبب موت أخيه ،حسان وتتواتر حكايات الموت ، فخالد مسكون بموت أمه الذي جعله يلتحق بجبهة القتال في حرب التحرير ويموت قائده ومثله الأعلى الطاهر عبد المولى . ويموت صديقه الوحيد زياد ويموت كل الشهداء أثناء المعارك ، لقد أحدق الموت بخالد ، والسارد عندما يتحدث عن الموت ، لا يتحدث عنه باعتباره حدثا أصاب شخصا ، بل ينظر للموت باعتباره إشكالية وجودية تخص المنزلة الإنسانية ويصف الموت بنفس شعري :" ذلك الموت الذي اخترنا له اسما آخر أكثر إغراء لنذهب إليه دون خوف وربما بشهوة سرية ، وكأننا تذهب لشيء آخر غير حتفنا .. كان الموت يومها يمشي إلى جوارنا ، وينام ويأخذ كسرته معنا على عجل ، تماما مثل الشوق والصبر والإيمان ... والسعادة المبهمة التي لا تفارقنا ، كان الموت يمشي ويتنفس معنا " ( ص 26 ).

والموت ليس موت الأشخاص بل هو موت رمز لشريحة اجتماعية .

وتتجلى الشعرية في الرواية في إشاعة المناخ الشعري واستدعاء الشعر بأشكال مختلفة ، ينمي شعرية الرواية ، فيتشكل النسق الشعري امتدادا لسياق السرد ويلتحما معا .

تقتضي الرواية وجود سارد يحكي الأحداث ، بيد أن هذا السارد أحيانا يختفي مفسحا المجال لصوت آخر في النص فيقطع السرد ليبوح بمشاعره ومواقفه وانفعالاته ، هذا الصوت يضفي دفقا شعوريا وغنائيا ، هذا الصوت يصطلح عليه "بالأنا الغنائي"

وهو الذي يسمح بحضور الغنائية الشعرية في نسيج النص الروائي السردي .

و"الأنا الغنائي" هو " "Le je lyriqueويقترن بالقصيدةالغنائية والقصيدة الملحمية والدرامية ، كل شعر معبر عن الانفعالات الشخصية أي حضورا لبعد الذاتي والعالم الداخلي والنفس التي تتحرك بفعل العواطف . فكيف تجلى الأنا الغنائي في رواية ذاكرةالجسد ؟

إنّ أكثر حضور للأنا الغنائي في ذاكرة الجسد في تلك الوقفات التي يستسلم فيها السارد للتعبير عن مشاعره إزاء الحبيبة يحكي عن لقائه الأول بحياة ، وتقطع الحكاية بفعل الأنا الغنائي الذي يعبر عن انفعاله بذلك اللقاء قائلا :"يا امرأة تحترف الحرائق

ويا جبلا بركانيا جرف كل شيء في طريقه ، وأحرق آخر شيء تمسكت به .

من أين أتيت بكل تلك الأمواج المحرقة من النار ، وكيف لم أحذر

تربتك المحمومة كشفتي عاشقة غجرية ؟

كيف لم أحذر بساطتك ، وتواضعك الكاذب ..؟ " ( ص 98 -99 )

هذا المقطع برزت فيه الوظيفة الانفعالية وفي توظيف الأساليب الإنشائية ، لقد رفد الأنا الغنائي نسيج السرد بشحنة عاطفية ، وهذا المقطع يخرق السرد ويعطله لكنه يولّد شعريته .

ولا يظهر الأنا الغنائي في خطاب الحبيبة فحسب ، بل كذلك يظهر

عند عودة السارد الأولى إلى مدينة قسنطينة لحضور حفل زفاف حبيبته ، يتدخل متغنيا بقسنطينة وبأوجاعه :

" قسنطينة ...

كيف أنت يا أميمة .... واشك ؟

اشرعي بابك واحتضنيني ... موجعة تلك الغربة ...موجعة هذه العودة ..

قادم إليك أنا من سنوات الصقيع والخيبة ،من مدن الثلج والوحدة فلا تتركيني واقفا في مهب الجرح " ( ص 284 -285 )

ولعله من الأهمية الإشارة إلى وظائف الأنا الغنائي ، فهي تبطئ من حركة السرد إضافة إلى الوظيفة الجمالية وتلوين السرد بملمح الشعرية .



شعرية الشخوص :

يحرس الروائي على رسم ملامح شخصياته الجسدية والنفسية وخاصة في الرواية التقليدية ، أما في الرواية الحديثة ومع فنيات الحساسية الجديدة ، لم يعد الروائي يعنى بتحديد ملامح شخصياته فبدت الشخوص أقل تحديدا وأكثر تسطيحا ، مما جعل بناء الشخصية أقرب من بنائها في الشعر ،ومن هذا المنطلق تتحدد الشخصية في الرواية من كونها شخصية غير محددة السمات وغير دالة على شخص بعينه وهي شخصية لها رؤية شعرية من والوجود و الناس . ما الذي يجعل من الشخصية الروائية شخصية شعرية ؟

الروائي المعاصر لا يرسم شخصية محددة يوهم بوجودها في الواقع ، بل يرسم صورة تفتقر إلى التحديد ، فلا يعنيه أن توجد في الواقع أو أن لا توجد ، بل المهم أن تحمل هذه الصورة همومه ورؤاه وتكون رمزا من الرموز .

لا تقدم رواية ذاكرة الجسد صورة واضحة المعالم لشخوصها

بل شخوصها رموز لا غير ، وقلما تقوم بالفعل وتحرك الحدث وهذا جعل منها شخصيات غير نامية ومفرغة الدلالة ، وفي هذا يقول جان إيف تادييه :" إنّ فراغ الشخصية الدلالي هو الذي يمنح القصة الشعرية امتلاءها ( ..) والشخصية من وجهة نظر الشاعر رمزية ، متناقضة ، متطرفة ، قادرة على أن تلون وجهها الواحد ألوانا متعددة ، فهي لا ترتبط بتعريف واقعي وإنما بتعريف موجز عنيف " ( ص 45 الحكاية الشعرية )

شخصيات ذاكرة الجسد ، شخصيات رموز : حياة رمز الوطن ، زياد رمز الشاعر المناضل ، سي الطاهر رمز النضال

شعرية المكان والزمان : تمثل شعرية الزمان والمكان

إشكالية ما ، ذلك أنّ هذا المبحث هو مبحث سردي بالأساس ،

إذ كيف يكون المكان والزمان مولدين للشعرية ؟

إذا كان المكان في الرواية عنصرا مرجعيا وواقعيا وذلك للإيهام بواقعية الأحداث ، فالمكان في الشعر فهو لا يحضر كما هو في المرجع ، بل يحضر حضورا لغويا كما ترسمه ذات الشاعر،فالشاعر ينقل صورة المكان من خلال ذاته .فالمكان في الرواية مرتبط بالوظيفة المرجعية أما في الشعر فالمكان مرتبط بالوظيفة الانفعالية والوظيفة الشعرية ، لذلك يتسم المكان في الرواية بقدر من الموضوعية ، في حين أنه في الشعر يتسم بقدر كبير من الذاتية .

تتوزع الأحداث في ذاكرة الجسد بين مكانين رئيسيين ، مدينة قسنطينة ومدينة باريس وتحديد هذين المكانين لم يكن تحديدا موضوعيا ، بل كان في أغلب الأحيان تحديدا ذاتيا .

يقول خالد في آخر الرواية :" ها أنا أصبحت الابن الشرعي

لهذه المدينة التي جاءت بي مكرها مرتين ، مرة لأحضر عرسك

ومرة لأدفن أخي ، فما الفرق بين الاثنين ؟ لقد مات أخي في الواقع مثلما مت أنا منذ ذلك العرس " ( ص403 )

شعرية البناء الزمني : الزمن مقوم من مقومات الرواية ، وما من حكاية إلا وهي أحداث متعاقبة ، وهذا يجعل البناء الزمني بناء متماسكا ، أما الزمن في الشعر يقوم على التداعي وتوارد الخواطر والانفعالات ، والزمن في القصة أو الرواية يخضع للوعي بتراتبية وعلاقة السبب بالنتيجة بينما في الشعر يهدم هذه العلاقة .

لم تخضع أحداث الرواية لتسلسل زمني واضح، وعملية القص يختلط فيها الماضي بالحاضر ويتداخل فيها الخيال بالواقع ، فيها استطرادات واسترجاعات تخرق خطية السرد وتفتته والذات الساردة وهي تحكي حكاية حبها المستحيل لا تحتكم إلا لانفعالاتها فتخضع عملية القص لتوارد الخواطر والدفق الشعوري الغنائي .

بعد الزمن في ذاكرة الجسد عن قاعدة السببية ، وهذا العدول يعد سمة من سمات الرواية الحديثة التي تستند على تقنيات الشعر .

هذه محاولة للوصول إلى مفهوم الشعرية في النص الروائي ،

مع ضرب أمثلة على هذه الظاهرة في رواية أحلام مستغانمي

" ذاكرة الجسد " وكيف كان حضور الشعري في الرواية لدواع جمالية ، وأن استخدام الروائية لتقنيات الشعر وأساليبه ، له مبرر آخر وهو هاجس التجريب .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مفهوم الشعرية في النص الروائي - ريم العيساوي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الشعرية في رواية كريم معتوق- حدث في إسطنبول - ريم العيساوي
» الشعرية في رواية كريم معتوق- حدث في إسطنبول - ريم العيساوي
» الشعرية في رواية كريم معتوق- حدث في إسطنبول - ريم العيساوي
» الشعرية في رواية كريم معتوق- حدث في إسطنبول - ريم العيساوي
» صرخة الصمت - ريم العيساوي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إتحاد الكُتاب والمثقفين العرب :: الفئة الأولى :: صالون الآديبة والشاعرة والناقدة/ ريم العيساوي-
انتقل الى: