م.علي الشهراني
عدد المساهمات : 6 نقاط : 12 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 02/07/2010
| موضوع: وظيفة المجدد (1) الأربعاء يوليو 14, 2010 8:21 am | |
| بات من بواعث الأمل عند كثير من الناس النظر إلى تحقق حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها )
ولا شكـ أن نيل هذا الوسام هو شرف يطمح له الكثيرين و تتسابق إليه مقاصد أصحاب النفوس العالية بهممها . و كلمة (من) في الحديث تبين أنه قد يكون المجدد فردا وقد تكون جماعة تعمل على هذا التجديد .. واللفظ الذي جاء في النصوص يحتمل هذا و ذا
ولكن ليس بالضروة أن يكون هذا المجدد نسخة كربون لمن سبقه من المجددين , وليس من المجدي لبعض الشخصيات أن يقوم بخطوات ومقدمات يقتفي فيها حرفيا ً أسلوب بعض المجددين السابقين ليكون مجدد العصر فيدخل نفسه في معتركـ مع الجميع ظنا ً منه أن ذلكـ سبيل الحصول على هذا الوسام .... الأهم من ذلكـ أن التجديد في هذا العصر ينبني على فهم ماهو التجديد ذاته و ماهي كيفيته؟
نص الحديث جاء ليفسر لنا معنى التجديد بإلماحات و إشارات جاء منها أن المجدد يجدد لهذه الأمة أمر دينها و في رواية " ما فسد من دينها " ,
فئة من الناس ينتظرون قدوم مجددا يكون تجديده لذات القضايا و المسائل التي قام بتجديدها من مضى ؟! .., ولا أرى ذلكـ تجديدا ً ولا المقصود من المجدد ورسالته خصوصا ً وإذا كان ما أريد به التجديد من أمر الدين قد تغير للأفضل وأستقام على سوقه , فلماذا نظل ننتظر ذات المواصفات وذات الشروط في المجدد ونرقب ذات المطالب ليقوم بتجديدها ..! أليس هباء ً ؟ أليس من الواجب لمن يبحثون عن التجديد لأمور الدين و إصلاح ما أنهدم أن يتـّبعون خطط مرحلية ينظرون من خلالها إلى حاجات الأمة و نقاط ضعفها التي هي بحاجة إلى إعادة أحياء لها و ضخ الدم في عروقها بعد ضمور دام فترة طويلة مع دعاة الجمود على تقليد المذاهب و التراث بغير نظر في الواقع و تغيراته , مما يتطلب نظر يتجدد و فكر يوائم المستجدات و ينفض عنه ثوب التقليد و الحرفية ..
إن من واجب من يحملون هم الأمة و أهل المبادرة في شأن التجديد .... أن يسعون لإصلاح الجوانب التي غيبت و أندثرت و ضعف وعي الناس بها من أمر دينها ... ( ليس من مهام المجدد القادم أن يكرر سيرهـ على ذات الخطوات التي خطاها سابقوهـ .... فليس من الضروري أن يكون المجتمع يعاني ذات المشكلات و يحتاج لذات العلاج القديم أو الماضي ...)
المجدد الأخير الشيخ محمد بن عبدالوهاب _كما يرى الكثيرون_ إعتنى بشأن تجديد شأن التوحيد و اليوم يبدو أنه أتضح لأكثر المسلمين هذا الشأن إلا حد بعيد تكاد تكون قد قامت به الحجة ولا يعارض هذا وجود فئات ممن يجهلون ذلك أو يتجاهلونه أو يعاندون قبوله , فاليوم الحاجة ملحة إلى لفت النظر إلى جوانب الدين الأخرى و السعي لتجديدها و تكثيف العمل على القيام بها ...
و نظرا ً لطبيعة العيش في هذا الزمن الصعب فإن مهمة التجديد ليست بالسهولة التي يتصورها بعضهم و لاشكـ إنها ستتطلب جهدا ً و مقومات غير إعتيادية .تتوائم و معطيات عصرنا وظروف العيش فيه و تلفت النظر إلى جوانب عانى منها المجتمع بسبب مظاهر الركود الإجتماعي التي أسهمت بشكل كبيرفي تعطيل الأفكار و نقدها و تعطيل التعاطي مع كل جديد ورهبة الجديد و محاولة إقصائه بغير داعي مقنع حتى يعم و ينتشر ثم يجري تقبله وما إلى ذلكـ من مظاهر هي في واقعها التشخيص الظاهري لأمراض داخل جسد هذه الأمة تؤدي في النهاية إلى تعفن المجتمع و تحلله من الداخل . ومن هنا فإن علينا ألا ننظر إلى من يظهرون وكأنهم ناقمون على المجتمع أو مشاكسون لتوجهاته العامة نظرة سلبية أو( طاعنة في نواياهم ), إن من يثيره واقع مجتمعه و ينتقد سير الأمور فيه قد لا يكون دائما ً مصيبا ً في ما يقوله و لكنه كثيرا ما يسجل فضيلة الاستيقاظ بين النائمين و الانتصاب على القدمين بين الأموات .
فالفئة المعنية بالتجديد إذا ً لا بد أن تكون متحررة من قيود التبعية و قيود الألف و المعتاد لأنه معتاد فقط , و لعلي في الجزء الثاني من المقالة أتطرق لمقومات المجدد و الحديث عن جوانب تتعلق بهذا الموضوع من نواحي مختلفة .
| |
|