محطات صغيره في حياة إنسان عادي - الحلقه الثالثه / الحاله السياسيه في اعوام الخمسينات

محطات صغيره في حياة إنسان عادي
المحطه الثالثه
الحاله السياسيه في اعوام الخمسينات

[right][b] الإخوه والأخوات...
في خمسينات القرن الماضي لم تذق سوريا طعم الإستقرار، الكل يريدها إلى جانبه، بريطانيا تريدها عضوآ في حلف بغداد ولهذا السبب كانت تقف وراء الحزب القومي السوري نظرآ لدعمه لمشروع الهلال الخصيب والذي يضم الأردن وجزءآ كبيرآ من العراق وكلتا الدولتين تقعان تحت نفوذ بريطانيا، وأمريكا تشدها إلى حلف جديد مع مصر وكان همها ضرب تيار القوميين السوريين في الجيش وتشجيع تيار قومي عربي كتيار معاكس للأول بقيادة حزب البعث العربي الإشتراكي , وإعتمادآ على هذه الحقائق علينا ان نفهم عملية إغتيال العقيد البعثي البارز عدنان المالكي بتاريخ 22 نيسان 1955 اثناء مباراة رياضية على يد رقيب في الشرطة العسكرية يدعى يونس عبد الرحيم من اعضاء الحزب القومي السوري مخترق امريكيآ وقد اتهم الحزب القومي السوري برئاسة جورج عبد المسيح باغتيال المالكي وكانت البدايه في تصفية هذا الحزب وبقيت القوه الرئيسيه في الجيش لحزب البعث.. تمامآ كما خططت امريكا وتحويل إتجاه سوريا الى مصر بدلآ من العراق ,أما الأحزاب السوريه التقليديه كالحزب الوطني وحزب الشعب فكانت تدافع عن وجودها ضد تدخل الجيش في السياسه عبر 4 إنقلابات عسكريه لم يحصد منها الشعب السوري سوى وعود كاذبه أوصلته إلى عنق الزجاجه. سوريا 1952 مازالت تحكم عسكريآ من قبل العقيد أديب الشيشكلي الحاكم الفعلي المستتر خلف زميله اللواء فوزي سلو الذي حل الأحزاب جميعها، تقارب مع نظام عبد الناصر والنظام السعودي ليشكلوا حلفآ عسكريآ ضد حلف بغداد، حيث كما ذكرت سابقآ كانت الولايات المتحده تنظف المنطقه من النفوذ البريطاني لتتربع مكانها.في شباط / فبراير ١٩٥٤ قامت حركة تمرد في مدينة حلب, ألقى البيان الأول من إذاعتها الرائد مصطفى حمدون داعيآ إلى العصيان المسلح..آثر العقيد الشيشكلي عدم المواجهة بالرغم من إستطاعته إخماد الحركه, وهذه النقطه تعتبر إجابيه حتى لاتكون سابقه هو من سنها، غادر العقيد إلى بيروت فالسعوديه ثم استقر في البرازيل إغتيل فيها عام ١٩٦٤على يد شاب درزي هو نواف غزاله إنتقامآ لإخماد تمرد الدروز أثناء حكمه، وكان من المتآمرين عليه آنذاك كمال جنبلاط والد وليد جنبلاط
تنفس السياسيون الحزبيون الصعداء بإنتهاء حكم الشيشكلي وعادوا لممارسة اللعبه الديموقراطيه من جديد، ولكن هيهات فقد تعلم الجيش على فرض السيطره على السياسيين وبدأت التكتلات الحزبيه تأخذ طريقها إلى الجيش،وأكثر المستفيدين من ذلك كان حزب البعث حيث عزز وجوده بإنضمام جماعة المرحوم أكرم الحوراني ذو النفوذ في ريف حماه مع حزب البعث وصار الحزب يعرف باسم حزب البعث العربي الإشتراكي

الإخوه والأخوات الجو السياسي تغير بعد نظام العقيد أديب الشيشكلي عما كان عليه قبله, فلقد برز الرئيس عبد الناصر كزعيم عربي وقوي جناح حزب البعث في الجيش السوري
بدأت سوريا تعيش طفره وطنيه قوميه كبيره وما زلت أذكر المظاهرات الطلابيه المطالبه بتطبيق نظام التدريب العسكري أو ما يعرف بنظام الفتوه في الصفوف الثانويه واستطاعوا فرضه على الدوله، وكان تدريبآ عسكريآ قاسيآ إلتحقت به لأول مره عام 1959 في أيام الوحده مع مصر, أما عن إسبوع التسلح فقد كانت ملحمه أخرى لم أر مثيلآ لها في حياتى كانت النساء ترمي كل ما تملكه من أساور ومجوهرات إلى الجيش.البرجوازيه الوطنيه كانت تتبارى في التبرع ،ونحن في ندوة حافظ إبراهيم حولنا كل ميزانية ندوتنا للتسلح،كان أسبوعآ ما زلت أذكره بفخر وإعتزاز كانت حصيلته في لغة تلك الأيام 30 مليون ليره لم يدخل منها قرشآ واحدآ إلى الجيوب كما يحصل اليوم عند الساده حكام العرب حيث يسرقون الحصيله كلها ويتركون القرش الواحد لشعوبهم هذا إن كانوا كرماء. هذه الملايين الثلاثين تعادل في لغة اليوم حوالي 150 مليون دولار ذهبت لتسليح الجيش وبناء تحصيناته على الجبهه مع الكيان الصهيوني
في عام 1956 إتخذ جمال عبدالناصر قراراً بتأميم قناة السويس فاجأ بريطانيا التي كانت لا تزال تحسب نفسها قوّة عظمى وفرنسا التي كانت لا تزال دولة إستعماريه موجودة في الجزائر. كان الرد البريطاني - الفرنسي على قرار مصر القاضي بتأميم القناة الدخول في مؤامرة مع إسرائيل. كانت نتيجة الحرب إنسحابآ بريطانيآ فرنسيآ من مصر نتيجة إنذار أمريكا لهما، فكانتا الخاسرتين الوحيدتين، وكسبت إسرائيل منفذآ على البحر الأحمر وقوات دوليه في غزه،أما عبد الناصر فقد عزز شعبيته في محيطه العربي
الإخوه والأخوات نتيجة لهذه الطفره الوطنيه ووجود مد شعبي قوي في سوريا افزع إسرائيل جعل العين على سوريا لضبط طموحاتها فسلطت الولايات المتحده عليها تركيا وبدأت الحشود العسكريه في عام 1957 .كنت في تلك السنه في الصف الثامن متوسط، ندوتنا مازالت نشطه (ولم يحصل فيها إنقلاب واحد) فقمنا بنشاط مع الدفاع المدني، وبدأنا بشراء الأوراق الزرقاء وتوزيعها على بيوت الحاره لتغطية نوافذهم بها تمشيآ مع نظام التعتيم ليلآ كما كنا نقوم بدهان أضواء السيارات باللون الأزرق مع ترك دائره صغيره في المنتصف، وقام الجيش بتركيب مدفع مضاد للطائرات على سطح بنايتنا نظرآ لموقعها الإستراتيجي قرب مولد الكهرباء ومحطة القطار وثكنة ضباط الإحتياط،وكنت مع أصدقائي في الندوه نقوم على خدمة طاقم المدفع من طعام ومثلجات. المقاومه الشعبيه مع الفتوه في تدريبات متواصله، وتدريبات القتال الليلي وأصوات القذائف والرصاص لاينقطع ووزع السلاح مع الذخيره على كل المتدربين وكان نصيبنا منها بندقيتين تشيكيتين نصف آليه مع ذخيرتهما، وكنت معجب بنفسي وأنا افك بندقية أخي واعيد تركيبها في وقت قياسي وكنت فخورآ بمدينتي حلب وهي واقفه صامده في الخط الأمامي للدفاع عن الأمه
وفجأة أيها الإخوه والأخوات إنسحبت تركيا من الحدود وردمت الخنادق وأعيد السلاح إلى المستودعات, وفجأة أيضآ طار وفد عسكري سوري لمصر لحق به صاغرآ وفد سياسي ليتكلم الجميع عن الوحده
الإخوه والأخوات، وأنا اكتب هذه المحطه واستعيد ذلك الماضي... أقول لنفسي: لماذا حصل كل ذلك ؟ من كان يقود الأحداث ؟ هل إستغل أعداؤنا إندفاعنا الوطني لتحقيق مآربهم، وهل كنا نعمل بمبدأ رد الفعل وليس بمبدأ الفعل كما ذكرت اعلاه في لعبة جر سوريا الى نظام الاحلاف والتحالفات حتى ولو كانت تحالفات ذات توجه قومي. فالمهم ليس توجه الحلف بل المهم هو ضبط إندفاع الشعب السوري؟ ولماذا بعد ذلك قادونا إلى أحلامنا في الوحده العربيه ثم جعلونا نشيح بوجهنا عنها؟ لا أدري... وانا أكتب هذه المحطه أيضآ تذكرت سؤالآ طرحته على نفسي منذ أربعين عامآ تقريبآ: لماذا لم تبن الولايات المتحده السد العالي لمصر،وقد كان بمثابة حياة أو موت لعبد الناصر،وفائده سياسيه وإقتصاديه للولايات المتحده،وكوني مهندس فاني أعلم ان من يبني هذا السد يتحمكم بقطع الغيار وصيانة شبكات الري وتوريد البذور والإنتاج الزراعي والإمساك بإقتصاد مصر. أجبت على هذا السؤال منذ أربعين عامآ ومازلت أعتقد بصوابه, لقد كانت هناك صفقه في الشرق الأوسط بين أمريكا والإتحاد السوفيتي بتأجير مصر وسوريا والعراق للإتحاد السوفيتي مع المحافظه على خط أحمر لايمكن تجاوزه وهو إسرائيل ولتشتر هذه الدول السلاح كما تشاء وليسب عبد الناصر ويشتم أمريكا وإسرائيل كما تحب الشعوب العربيه أن تسمع وتطرب مادام الخط الأحمر محترمآ.
وكان هروبآ إلى الأمام، وتصعيدآ من "الشارع" بالدعوة إلى الوحدة مع مصر - تلك الوحدة التي فرضها الجيش ورحَّب بها الجميع... تقريباً.
وفي 15 كانون الثاني 1958 تم الإعلان من القاهرة عن قيام تلك الدولة الواحدة التي سُمِّيتْ بـ"الجمهورية العربية المتحدة"، وذلك بعد أن وافق السوريون على طلب الرئيس جمال عبد الناصر إبعاد الجيش عن السياسة وحل جميع الأحزاب فقد وافقت جميع الأحزاب السورية تقريباً (وظاهرياً) على حلِّ نفسها، ماعدا الشيوعيين الذين رفضوا حلِّ الحزب ثم كان الـ22 من شباط 1958 وكان استفتاءٌ مضمون النتائج في كل من سورية ومصر على الوحدة وعلى رئاسة عبد الناصر لها. وقد جاءت نتيجة هذا الاستفتاء الموافقة بنسبة

99.1% من الأصوات ...!

[b]https://www.youtube.com/watch?v=G_Vf__-FVm0

شريط فيديو من عهد الوحده المصريه السوريه
الخط الدعائي القوي الذي اتخذته قياده دولة الوحده كان يغطي واقعآ مختلفآ تمامآ
الدعايه شيئ والواقع شيئ آخر

موعدي معكم قريبآ مع المحطه الرابعه بعنوان طالب ثانوي وإلى اللقاء
مع تحياتي

أخي المفضال الكريم المهندس /

هشام نجار

لست أدري هل أستوعب الشعب المصري والسوري مفهوم الوحدة....؟
ولماذا أُجهضت الوحدة بين مصر وسوريا في مهدها الأول...؟
وكيف يمكن ان تتصور نجاح تلك الفكرة لتعيش الصعداء الى عصونا هذا...؟
وهل فشل الوحدة يعني إننا شعوب غير قابلة جينيا للإتحاد...؟
وهل سيتحد العرب يوما ما لمواجهة خطر العولمة...؟
أين الشعوب العربية على خريطة الوحدة...؟
ما سر تنافر الشارع العربي...؟
شهادتك على العصر تحمل كل هذة التساؤلات.
تحياتي وفائق إحترامي
محمد حسن كامل

محمد حسن كامل كتب:: أخي المفضال الكريم المهندس /

هشام نجار

لست أدري هل أستوعب الشعب المصري والسوري مفهوم الوحدة....؟
ولماذا أُجهضت الوحدة بين مصر وسوريا في مهدها الأول...؟
وكيف يمكن ان تتصور نجاح تلك الفكرة لتعيش الصعداء الى عصونا هذا...؟
وهل فشل الوحدة يعني إننا شعوب غير قابلة جينيا للإتحاد...؟
وهل سيتحد العرب يوما ما لمواجهة خطر العولمة...؟
أين الشعوب العربية على خريطة الوحدة...؟
ما سر تنافر الشارع العربي...؟
شهادتك على العصر تحمل كل هذة التساؤلات.
تحياتي وفائق إحترامي
محمد حسن كامل

[color=green]اخي وصديقي الأديب والمفكر الكبير محمد حسن كامل
اخي وصديقي الأديب الرائع عمر ابو دقه
حفظهما الله.
اشكر لكما ملاحظاتكما القيمه وأود ان اشير الى شعوري بالصدمه لإنفصام عرى الوحده والذي عبّرت عنه في الحلقه السادسه من هذه المحطات , اليوم وبعد مرور اكثر من خمسين عامآ على تأسيسها يمكننا القول اننا قد إبتعدنا اشواطآ مع الاسف عن تحقيق ماهو ادنى من ذلك واقل , في هذه الأيام اختلف الحكام عن توصيف عدو الأمه .. والإتفاق على من هو هذا العدو هو الطريق الذي يقود الى وحدة الأمه.امام الأمه خطر كبير يتلخص بغياب الشعوب عن الإمساك بزمام امرها, يتلخص بتحليل الإحتلال على اراضيها... يتلخص كما تفضلتم بشراسة العولمه والتي تنشب أظافرها في اخلاقنا وعقائدنا, يتلخص بتوريثنا لابناء حكامنا حتى لا يأتي يومٌ ينكشف فيه فساد آبائهم...ولكن لن تعدم هذه الامه صلاح الدين جديد ينفض عنها غبار كسل شعوبها وتواطئ حكامها
مع خالص تحياتي[/color]

» محطات صغيره في حياة إنسان عادي - الحلقه السابعه / الكمين
» محطات صغيره في حياة إنسان عادي - الحلقه الأولى / ولادة الذاكره - الجزء الأول
» محطات صغيره في حياة إنسان عادي - الحلقه الأولى / ولادة الذاكره - الجزء االثاني
» محطات صغيره في حياة إنسان عادي - الحلقه الرابعه / طالب ثانوي (الجزء الأول)
» ( محطات صغيره في حياة إنسان عادي - الحلقه الرابعه / طالب ثانوي (الجزء الثاني)