جدل فوق عاجى

" أحمد تلقى الشريعة من ربه وهي مملوءة بالحكمة " نص سامافيدي سبق ولادة خير الأنام بآلاف السنين، وليس نصاً إنجيلياً أو توراتياً إسترقه عبد المطلب لحبك بروتوكولات دولة هاشمية.
لايكتسب هذا النص الهندوكى قيمة معرفية تقف عند حدود القيمة التاريخية أو القيمة اللدنية فحسب.بل يشع بإنارات ثراء فلسفي يتميز بفضاءات نسيج نوراني يتجاوز سطحية قراءات عمودية تتوقف صحة نتائجها عند صحة تسلسل خطواتها الشبه أرسطية.
نسمات قدسية تهب علينا من أطلال رسالات سماوية تلقي الضوء على معضلة شائكة أرّقت العقل الفلسفى بإستفهامات متاهة أسبقية الفكر والمادة،فهل وُلد أحمد قبل النص أم ولد النص قبل محمد؟!..
سؤالي ليس بريئاً،براءة معادلات تعبيرية جادت بها قريحة سبينوزا،فإجابته طردت سبينوزا من اليهودية،لغاه بن غوريون بقلادة الذكاء اليهودى.وطردت جارودي من مركزية الحزب الشيوعي وحطت به برحاب أحمد،ودعت منير شفيق ينبه طيفنا العاجى لإستحداث خطاب قدسي يزاوج بين الأصالة والحداثة بإطار نسق فلسفى يجابه إخطبوط تغريب حضارى غدا مرجعية وحيدة ومصدر أوحد للمعرفة.
طرد الدهماء طهرية المعلم بعد نفيه أن يكون الفكر إنعكاساً مادياً وأعطى الأسبقية لعمليات البناء الذهنى بدل العمل والإنتاج المادى بحكم أن التطور الحضارى يتجه لمزيد من التخصص وتقسيم العمل.ماعّرض بزعمهم العلاقات الطبقية لتغييرات جذرية تنقل الدور القيادى من الطبقة العاملة إلى طبقة العلماء والباحثين.نفى تقاطع مع نفي بياجي لحدوس ديكارت وتروس ماركس،من حيث أن المعرفة هي ممارسة مجردة أساسها تحولات الواقع أداة و وسيلة هذا الإنعكاس.وليست سلسلة حدوس فطرية أو توليدات اّلية وقفت عند تداعى معانى ديفيد هيوم،ولم ينضج لديها مفهوم السببية بعد فأتبع سبباً  ذلك أن الفكر الإجتماعى متجدد يتطور بإستمرار وليس فكراً هندسياً يمكن الأخذ به بكل وقت،كونه رهن واقع متغير ليساير التطور الإجتماعى،فالتاريخ لا يتعين بدلالة الأحداث بقدر ما يتعين بدلالة الأفكار التى ساهمت بتحضير شروط هذه الاحداث.تقاطع فلسفى قطع بحقيقة وجود مصدر معرفي فوق عاجي يتفرد بإطلاق معرفي ضابط لإيقاعات الحركة التاريخية.مصدر لامرئى تعمدت شطحات سيد إلقمني القفز عنه بتسطيحات كاريكاتورية حاولت إنتحال معادلات سبينوزا بقريحة مهراجا.
طهرية لم نر لها أثراً بسياقات منير السواح المفتوحة على تاريخ عشوائى يسير بخط مستقيم تماهياً مع مصادفات تاريخ تلمودى ينتهى عند قبيلة رامبُوية - رامبو - تحلم بإبادة الفقراء والضعفاء بإعتبارهم مرضى يعوقون التطور الإنسانى .مماهاة تبدت بإسترسال السواح بأدق تفاصيل الديانات الشرقية وكأن أحمد لم يغادر وجود القوة لحيز الفعل صانعاً حضارة فريدة تعتبر من أروع تجارب النظم الإجتماعية فى التاريخ الإنسانى.روعة إبتسرها السواح ببضع صفحات مفككة تغمز بإيحاءات صناعة بشرية ترهاتها تلتزم الصمت القبور إزاء تفسير إستباقية نص بهوش برانم الهندوسي:"في ذلك الحين يبعث أجنبي مع أصحابه بإسم محامد الملقب أستاذ العالم والملك يطهره بالخمس المطهرة ".إبتسارات منتقاة بدقة تكشف مدى إسراف السواح بإجتزاء النصوص وتصرفه بها ككيانات مستقلة تعكس بصمات عقل نصّى أحادى الإتجاه يريد إستلاب العقل الجمعي ليبقى أسير ساقية دوركايم،من ثم يدعى الموضوعية بكتابه"الرحمن والشيطان"!عن أى موضوعية يتحدث السواح ألم يرى كيف إعتنقت موضوعية بوكاي تنزيل أحمد ماأن تحققت بأنه صناعة غير بشرية حين فحص جثة فرعون الخروج وتيقن بأنه مات غرقاً كما أخبر التنزيل.وتأكد بأن كلمة هامان تعنى رئيس البنائين والمهندسين الذى كلفه فرعون ببناء الهرم ليطّلع على إله موسى.فهل كان عبد المطلب ضليعاً بالهيروغلوفية؟!
وفى معلقته الحلزونية"محمد والقبائل والرسالة المزعومة" يقول عبد الجواد سيد عبد الجواد بإستعلاء طفولى:"لسنا مضطرين لتصديقه فقد كانت الرسالة مشروعه الخاص وكان قرآنه إبداعه الخاص..أما عن المعجزات فقد كان لكل أنبياء العصور القديمة معجزات فمن منهم لم يصعد إلى السماء ومن منهم لم يحيى الموتى ومن منهم لم يميت الأحياء فلقد ذهب موسى أن إله الكون نفسه قد نزل إليه على جبل سيناء..لقد كانت تلك هى ثقافة الشعوب القديمة عندما كانت البشرية فى مرحلة الطفولة أما وقد بلغت اليوم سن الرشد فقد أصبحت فى موقف يمكنها من قراءة التاريخ قراءة صحيحة يمكن من خلالها فقط تقديم التفسير الحقيقى لها وبهذا المنظور يجب أن نحكم على رسالة محمد اليوم".يبدو أن عبد الجواد لا يعرف من القراءة الصحيحة غير إسمها!فمن الحقائق العلمية أن إرتفاع الهرم الأكبر  146 متراً ويعد أعلى بناء فى العالم لمدة 4500 عام حتى القرن التاسع عشر.ولم يكتشف سر بناء الأهرامات إلا البروفيسور جوزيف دافيدوفتش موضحاً أن الأهرام بنيت أساساً من الطين والكلس والماء حيث أخذت من تربة النيل ووضعت فى قوالب حجرية محكمة ثم سخنت لدرجة حرارة عالية أدت إلى تفاعل هذه المواد وتشكيلها حجارة تشبه الحجارة الطبيعية.فقد أثبتت التحاليل بإستخدام تقنية النانو وجود كميات من الماء فى هذه الحجارة ومثل هذه الكميات غير موجودة فى الأحجار الطبيعية.فضلاً عن التحاليل بإستخدام الأشعة السينية التى أثبتت وجود فقاعات هواء داخل العينات المأخوذة من الأهرام ومثل هذه الفقاعات تشكلت أثناء صب الأحجار من الطين بسبب الحرارة وتبخر الماء من الطين ومثل هذه الفقاعات لا توجد فى الأحجار الطبيعية مايكشف أن هذه الأحجار مصنوعة من الطين الكلسى ولا يزيد عمرها عن 4700 سنة.وأكد جوزيف أن كل ما فعله الفراعنة أنهم جاؤوا بالتراب الكلسى المتوفر بكثرة فى منطقتهم ومزجوه بالتراب العادى وأضافوا إليه الماء من نهر النيل وقاموا بإيقاد النار عليه لدرجة حرارة بحدود 900 درجة مئوية مما أكسبه صلابة وشكلاً يشبه الصخور الحقيقية.وبقيت هذه التقنية الفرعونية مختفية ولم يكن لأحد علم بها حتى عام 1981 عندما كشف جوزيف سرها التى ذكر القرآن تفسيرها الحقيقى كاشفاً تقنيتها البسيطة بدقة متناهية:"فأوقد لى يا هامان على الطين فاجعل لى صرحاً لعلى أطّلع على إله موسى".هلا أخبرنا عبد الجواد كيف عرف أحمد سر بناء الأهرام أم لا يعرف أن قمة الهرم الأكبر مسطحة ليعتليه فرعون الخروج ليطّلع على إله موسى وليست مدببة مثل الهرمين الآخرين وهو ما حيّر العلماء عن سر القمة المسطحة.
حضارة يعربية تتفرد بتاريخ إنساني يسير بخط منحني له نهاية تجلت بحقيقة كون يشبه ورقة مسطحة منحنية قليلاً،وسوف ينكمش ويطوى على نفسه في نهاية حياة الكون يوم تطوى السماء كطي السجل للكتب فأين السواح من هذا البيان القدسى الذى يعبق بنصوص نسيجها الإمبريقى الخلاب يحفز على التفكير الإبداعى ويجُب سطحية التفكير النصى،فهل يملك السواح نفى حقيقة أن الآية تمثل خارقاً علمياً فوق عاجى.
سفه قمني متخم بالنصية للحط من قدر أحمد فإذا به يرفع قدر عبد المطلب إلى مصاف الآلهة من حيث لايدري أن تهريجه النصى يهّوم خارج إحداثيات علاقة المتغير باللامتغير في كيميا الواقع،كاشفاً مدى إنفصام المعرفة عنده عن النشاط العملي. تشظيات قاصرة شطحت بعيداً بأن التنزيل مجرد صناعة هاشمية إختلسها عبد المطلب من أسفار التوراة والأناجيل المنحولة و لقنها حفيده بغار حراء فى الثامنة من عمره.منطق إعتباطى يرد عليه نص زند أفستا المجوسي:" إن الله سيبعث رسولاً هذا وصفه رحمة للعالمين ويتصدى له عدو يسمى أبا لهب ويدعوا إلى إله واحد "وإلا فهذا معناه أن عبد المطلب لقن ابنه أبا لهب أيضاً لإنتحال هذا الدور ومعاداة أحمد تحضيراً لتبادل الأدوار التاريخية.أم جاء جمال أبا لهب المشتق منه كنيته مصادفة ليطفئ نور التنزيل بأننا إزاء كون غائى وليس عشوائى بدأ كتلة واحدة إنفجرت بيضتها الكونية وتشكلت من دخانها النجوم والمجرات والأرض   السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما  فالاّية تؤكد حقيقة كون محدث ظهرت بيضته الكونية فجأة وإنفجرت وليس قديم كما تسوف هذه الأقلام العمودية.
لم تقف ثرثرات القمني عند سفلسها الفلسفى،بل تعداه إلى الجانب القيّمى لتدنيس طرف بنت خويلد بإفك إقتنصه من تفسير إبن كثير مفاده أن خديجة أسكرت أباها خويلد ليوافق على زواجها من محمد الذى تواطأ معها طمعاً بأن يتكئ على ثروتها لتحقيق مآرب جده بسيادة العرب.وكأن ابن كثير عنده صورة مصغرة للكون تظهر أن المجرات تتوضع على خيوط نسيج محكم وقوي وتمتد خيوطه لملايين السنين الضوئية تشكل نسيجاً حبك بإحكام مذهل   والسماء ذات الحبك فلماذا غض القمنى طرفه عن الخارق الإمبريقى بالآية ولم ير من إرثنا الرفيع غير صهيل حيزوم.
وفى وقت يؤكد برتراند راسل أن العالم بحاجة لمحمد يحل مشاكله بفنجان قهوة،ينبرى جلال صادق العظم بسفسطات مهومة تنفى تناغم التنزيل مع سنن التطور متغافلاً أن شريعته الغراء تتميز بدينامية تمتلك قدرة خلاقة على تمثل الواقع الدينامى.ماجعل نابليون أن يأخذ بمبادئها الرفيعة وإرثها الخصب لصياغة القانون الفرنسي،وإعتمدتها هيئة الأمم مصدراً لتشريعاتها.فضلاً عن تكريم المحكمة الدستورية العليا بالولايات المتحدة الأمريكية بوضع يافطة كتب عليها"المحكمة الدستورية العليا تكرم النبى محمد لكونه من أعظم مصادر القانون فى العالم.وكأن ريسلر لم يقل:" الإسلام يؤخذ على ثلاث أوجه،دين و دولة و ثقافة و بإختصار حضارة فريدة ". إذن ليست المشكلة بالتنزيل بقدر ماهى بعجز ومراوغة عاجيينا عن إستلهام إرثنا الثري لصياغة قانون مدنى.
إسقاطات عوَر عظمى لحجب النور القدسي بأن جلال نفسه كان مضغة مخلقة وغير مخلقة  اّية بهرت عالم الأجنة كيث إل مور بعد فحصها مخبرياً قائلاً: لو قالت الآية "مخلقة" فقط فهذا وصف غير علمي،ولو قالت "غير مخلقة" فقط فهذا وصف غير علمي،أما "مخلقة وغير مخلقة" فهذا هو الوصف العلمي المتناهي"الإمبريقى" بعد سقوط فرضية المصادفة.مضيفاً بإن هذه الأدلة جاءت لمحمد من عند الله وإن هذا يثبت لي أن محمد رسول الله. وصف إمبريقي لعالم راسخ منطقه الموضوعى الصارم لايقبل بالترجيحات والظنون ولا التهويمات.فهل يرى غازى الصورانى أن شهادة كيث تعبر عن الإيمان الشعبي كأحد أهم مكونات الوعى الذاتى فى أذهان الجماهير الشعبية الذى يتم إستغلاله بصور بشعة من قبل الطبقات الحاكمة التى تستخدم الدين وتسخره فى خدمة مصالحها الأنانية تطبيقاً لمقولة شيشرون الرومانى:"الدين شئ لابد منه للفقراء" . ولايرى دعم ماركس للإستعمار البريطانى بالهند إستغلالاً بشعاً للفقراء،أم لايعرف أن بلاشفته سارعوا بإعدام أستاذه سلطان علييف لغايات أنانية؟!
ولننتبه هنا أن الذى كشف سر الآية و أعلن أن القراّن من عند الله وليس صناعة بشرية هو عالم راسخ،وهذا يأتى إنسجاماً مع الآية الكريمة  وما يعلم تأويله إلا الله و الراسخون فى العلم يقولون اّمنا به كل من عند ربنا  فالآية توضح أن من سيكشف إعجاز التنزيل ويأوله تأويلاً حقيقياً ويقرون بنبوة محمد هم الراسخون فى العلم تايلاندى أمريكى فرنسى موزمبيقى سيان،مش ولد قاريلى جريدة وساق فيها محلل سياسى.فأين نرجسية القمنى وقرنائه من هذه اللآلئ المعرفية المكنونة و تماهيها مع نص أدروافيدم الهندوسي:" أيها الناس اسمعوا وعوا يبعث المحمد بين أظهر الناس وعظمته تحمد حتى فى الجنة وهو المحامد".
من حق العظم أن يضع رأسه بالتراب ولايرى شرارة الحرب تستعر من تحت قدميه بالغوطة وأطراف دمشق كما أخبر أحمد،ولكن ليس من حقه أن يفرض على الناس تصديق سيكولوجيا نعامته.فما توجس الكاوبوى من التدخل عسكرياً بسوريا بشكل مباشر إلاخشية أن يتحول الصراع هناك من صراع سياسي بخمار مذهبى وطائفى بين مركبات كتلة تاريخية واحدة إلى صراع بين كتلتين تاريخيتين متنابذتين أزلياً كما جاء بتنظيرات هنتنغتون صاحب نظرية حرق الفيتناميين المعروفة باسم"تسطيح فيتنام".صراع كتلوى أشارت إليه مارغريت ثاتشر فور سقوط الإتحاد السوفياتى بقولها:"سقط عدونا التاريخى و بقى عدونا الأزلى.
يقول الأب عبد الواحد داوود الآشوري في كتابه: " الإنجيل والصلب ": إن العبارة التي يرددها النصارى الآن: " المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة ". لم تكن هكذا في الأول بل كانت: " المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وللناس أحمد ".بهذا الإعتراف نتحقق أن إسم أحمد كان ممتنعاً عن الأميين،وليس مشاعاً يمكن لعبد المطلب معرفته بإعتباره سراً من الأسرار الكهنوتية.
فلاعجب من إستعانة البيت الأبيض بدائرة مختصة برصد كل ألوان المعارف الماورائية والنصوص المقدسة،ثم تحرير سياقاتها الإحيائية،من ثم إعادة تركيبها وتحليلها لتفسير أسرارها مثلما حاول تفسيرها ديكارت من قبل ويغرد نيتشة:الأسطورة هى الوجه الآخر للحقيقة تفسيراً موضوعياً لمتحضير شروط مواجهة مقدمات أفول الحلم الأمريكى،وبزوغ الحلم العربى.
دائرة "لاتوقع" جهنمية تصرف لها ميزانيات طائلة،جاءتها الضربة القاضية على يد الجيش المصرى،الذي سارع بتطويق وإمتصاص قلاقل وفتن هذا الإخطبوط الإستخبارى،وشرع ببتر أذرعه التى تنشط خلف عناوين وردية إنسانية دينية ولادينية تدور بفلك سيناريوهات الموجة الديمقراطية العالمية الثالثة كما سماها هنتنغتون. صدق رسول الله:"يتخللون باللسان كما تتخلل الأبقار" نزعة ماورائية سبقت تمظهر بقرية دوركايم وتصدر عجولها طقوس وإرهاصات الربيع العربى لإختطاف وإجهاض إيقاعات صعودنا الحضارى.
هذا ليس دفاعاً عن أحمد فهو ليس متهماً ولابحاجة لمحامى الشيطان فهو مكلف بالبلاغ فقط ولا يتسول تصديقه،فالإقرار بنبوته خاص بأساطين العلم وليس الصغار.وإنما أعلاه ليس أكثر من إنارة للوقوف على سر تهافت هذه الأقلام العمودية لحجب إضاءات التنزيل عن الوعى الجمعي وتناغمها مع بروباغاندا الديمقراطية الثالثة لتطحننا تروسها النيتشوية المتوحشة لتحقيق حلم قبيلة بيضاء ينتهى عندها تاريخ فرنسيس فوكوياما.
ختاماً،ومن غير لماظة هل سبق النص المقدس ولادة أحمد أم سبق أحمد النص المقدس؟!..