بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاةوالسلام علي أشرف الخلق أجمعين.وعلي ال بيته الطيبين
وعلي صحابته الأخيار وعلي أولياء الله الصالحين الابرار
...صرخات المظلومين والنصر من رب العالمين ....
لطالما اردت التحدث عن موضوع الظلم وعن صرخات المظلومين وعن عاقبه الظالمين
.. و اليوم لم يعد بوسعي إ لا ان أتكلم عنه حيث اني رأيت الظلم ينتشر في مجتمعاتنا العربيه كما ينتشر الوباء الخبيث في جسد المريض...
. والغريب اني رايت مجموعات من الناس ترحب بهذا الظلم بل وتسعي في تمهيد الطريق للظالمين كي يتمادوا في ظلمهم .
ولكنه من المؤكد ان هذا الترحاب سيقابله منفعة يحصل عليها هؤلاء مقابل معاونتهم للظلمه وتبرير ظلمهم للناس بل وتدليس الحقائق وتزيين وتلميع هؤلاء الظلمه
.واظهارهم امام الجميع علي انهم هم صمام الامان بالنسبه لهذا المجتمع وان من يحاول ان يردع ظلمهم ويقف امام تجبرهم هم اعداء المجتمع.
ولكني ايضا وجدت مجموعة اخري من الناس لاترضي بالظلم والهوان ولاتعرف الذل والاستكانه.وتري انها ان لم تقاوم الظلم والظالمين فانها ستكون آثمه .اعتقادا منها
انها مكلفه من قبل ربها بنصره الحق واهله والتصدي للظالمين مهما كانت العواقب والتضحيات في سبيل ذلك الامر.
ومع ان هذه الفئة الاخيره التي تناصر الحق اضعف جندا واقل عدداوعتادا الا أني وجدتهم ثابتين مرابطين لايخافون في الله لومه لائم ولايرجون سوي رضا خالقهم .
مستمدين قوتهم وعزيمتهم وصمودهم من التمسك بكتاب ربهم فهو منهجهم ومن التمسك بهدي رسولهم فهو النور الذي يضئ لهم.
..تراهم في عز محنتهم يرددون قول نبيهم ..رب إن لم يكن بك علي غضبٌ فلا أبالي.
وقد يري البعض ان هناك مجموعه اخري او صنف ثالث .وهم الذين قبلوا ان يعيشوا في عصور الظلم والاستعباد ورضوا بالذل والهوان والاستكانه رغما عنهم . فلا
يستطيعوا ان يصدعوا بكلمه الحق في وجه هؤلاء الظالمين خوفا وجبنا .وقد يكون هؤلاء من اشد المتضررين من وقوع الظلم والطغيان علي المجتمع .
.وهذا الصنف يصدق فيهم قول نبينا المصطفي صلي الله عليه وسلم
"إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودّع منهم" رواه الحاكم في المستدرك.
والرسول في هذا الحديث يحذّر أمته أنهم إذا وصلوا إلى حالة يهابون فيها أن يقولوا للظالم يا ظالم عندئذ تودّع الله منهم أي تخلى الله عنهم وتركهم ووكلهم إلى أنفسهم أي
قطع عنهم نصرته وتأيده لهم .
..ولكني أري ان هذا المجموعه الثالثه لاتختلف كثيرا عن المجموعه الاولي حيث انها بسكوتها وسلبيتها وانكسارها وخضوعها للذل والهوان وعدم تصديها للظلم والطغيان
يمثل ايضا قدر كبير من معاونه الظالمين وحثهم علي التمادي في جرائهم وطغيانهم .حيث انهم لم يجدوا من يردعهم ويصدع بالحق في وجوههم
وهؤلاء يصدق فيهم قول القائل(لاتسأل الطغاه لمذا طغوا ولكن اسال العبيد لماذا ركعوا )
...كان هذا شرح مبسط لأهم الانواع البشريه وعلاقاتها بالظالمين والطغاه في مجتمعاتنا العربيه والاسلاميه..
وسانتقل بحضراتكم الي تفسير مجموعه من المواضيع الهامه المتعلقه ب صرخات المظلومين
1-التصدي للظلم واجب شرعي علي كل مسلم
وصف ربنا عزوجل امة سيدنا محمد بانها من خير الامم وذلك لاسباب عديده من اهمها الامر بالمعروف والنهي والتصدي للمنكر .
قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾.
وحديث الرسول (ص): من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه وإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان).
ولما كان مواجهه الظلم والاستبداد واجب شرعي فان ديننا الحنيف يوجه الامر للمظلوم بألايخضع ولايستكين لهؤلاء الظالمين .وأن يسعي بكل ما يملك من قوه لرفع
هذا الظلم عن نفسه وكشف حقيقه هؤلاء الظالمين امام المجتمع وتوعيته الي ضروره التصدي لهم وعدم السكوت علي جرائمهم .
ويوضح الحديث الشريف أن المسلم مطالب -بمقتضى إيمانه- ألا يقف موقف المتفرج من المنكر، أيًا كان نوعه: سياسيًا كان أو اقتصاديًا أو اجتماعيًا أو ثقافيًا، بل عليه أن
يقاومه ويعمل على تغييره باليد، إن استطاع وإلا فباللسان ، فإن عجز عن التغيير باللسان انتقل إلى آخر المراحل ، وهي التغيير بالقلب، وهي التي وصفها الحديث: « أضعف الإيمان »
ونجد في السنة النبويه حثا على مقاومة الفساد السياسي وظلم واضطهاد الحكام لشعوبها ، تصل به إلى جعلها أعلى منزلة من جهاد الكفار المعتدين، فيقول رسول الله
صلى الله عليه وسلم حين سئل عن أفضل الجهاد: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر» وذلك لأن فساد الداخل هو الذي يمهد السبيل لعدوان الخارج.
بل واعتبرت السنه النبويه الشهادة هنا من أعلى أنواع الشهادة في سبيل الله حيث قال صلى الله عليه وسلم: «سيد الشهداء حمزة، ثم رجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه
فقتله ».
فالإسلام يرفض النفسية المستكينة الكسيرة الذليلة، بل ويعتبرها نفسية آثمة، يقول الله تعالى: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ } [الزخرف:54].
وفي الآيه الكريمه وصف الله الذين لايسعون لمواجهه الظالم وردعه والاخذ علي يديه بالقوم الفاسقين
2- الخاصيه المميزه التي اختصها الله عزوجل للمظلوميين
كما انه من فضل الله علي المظلوم انه ان لم يستطع رفع الظلم عن نفسه بشتي الطرق فان الله يتولي عنه هذا الامر وما عليه الا استعمال الخاصيه المميزه التي وهبها
الله عزوجل واختصه بها دون العباد ألا وهي الدعاء المستجاب بأذن الله
حيث يقول رسول الله (ص)( واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)،
ويقول الله للمظلوم في الحديث القدسي: (وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين).
وايضا كما قال الشاعر عن دعاء المظلوم
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً .....فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عينك والمظلوم منتبه .....يدعو عليك وعين الله لم تنم
3_وصف الله عزوجل للذين لايقاومون الظلم وذمه لهم وتوبيخهم علي ذلك
لايرضي الله عزوجل لعباده الظلم والاهانه ولذلك امرهم ان يرفعوا عن انفسهم الظلم وان يواجهوا المعتدين بكل مايملكون من قوة ولكن هناك من الناس من يسكت عن
حقه ويتغاضي عن القصاص من ظالمه وهذا الصنف وصفه الله بالقوم الفاسقين كما ذكرنا في الايه السابقه .
بل ولو نظرنا الي احوال الامم السابقه لوجدنا ان الله قد لعن بني اسرائيل لمجرد انهم كانوا لايؤمرون بالمعروف وينهون عن المنكر يقول الله عزوجل : { لُعِنَ الَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ. كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } [المائدة: 78، 79].
والأكثر من ذلك أننا نجد في القرآن أن السكوت عن الظلم والتهاون فيه، يوجب العذاب على الأمة كلها: الظالم والساكت عنه كما قال تعالى: { وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}. [الأنفال: 25].
4-اختلاف العلماء بين الظلم والكفر ايهما اعظم عند الله
الرأي الذي رجحه العلماء ان الكفر بالله والشرك به اعظم عندالله من ظلم العباد كقتل النفس بغير حق واضطهاد وتعذيب الصالحين بغير وجه حق .
ولكن لو تأملت معي في قصة سيدنا موسي مع فرعون .لوجدت ان الله امهل فرعون اكثر من اربعين سنه وهو حاكم كافر كان يدعي انه الآله الحق وانه الرب الاعلي
ومع ذلك.عندما ارسل اليه موسي عليه السلام قال له الله .فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى طـه:44.
ولكن عندما ظلم فرعون العباد وتجبر في الارض واضطهد شعبه
نجد ذلك في قوله تعالي إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين ( 4 ) ) [ ص: 516 ]
هنا انتهت المهله التي قد منحها الله عزوجل لفرعون كي يدخل في دين الله وكان العقاب الناجز له وجنوده
علي ظلمهم واضطهادهم للعباد بان جعلهم عبره لمن يعتبر الي
يوم القيامه حيث خلد جثمان فرعون في الارض الي قيام الساعه
قوله تعالى { فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون } [يونس :92]
وفي النهايه احذركم واحذر نفسي من الظلم
داعيين الله عزوجل ان يوفقنا الي مافيه الخير والصلاح لهذه الامه العظيمه امة محمد صلي الله عليه وسلم
بقلم اخوكم (محمد فتوح سليمان )..مصر