هل أن تغيير االشكل والإسم للإخوان المسلمين في سورية ينهي المأساة ؟
د.عبد الغني حمد و
صدر قانون في سورية رقم 49 لعام 1980 وكان نصه مايلي:
(كل من ينتمي للإخوان المسلمين أو يتعاون معهم يحكم بالإعدام , وبأثر رجعي)
وما زال القانون ساري المفعول حتى الآن
لن أناقش هنا شرعية هذا القانون من الناحية الدستورية , لأنه نوقش من قبل مختصين في القانون , ومنهم شيخ المحامين في سورية هيثم المالح كان الله في عونه وفرج الله عنه مما هو فيه , والذي أدى لسجنه ومحاكمته محاكمة عسكرية وهو ابن الثمانين
وإنما أود مناقشة مايدور على الساحة من آراء حول إمكانية إفشال هذا القانون , تلك الآراء المطروحة تعبر عن جانب واحد والمتضررين بتطبيق القانون آنف الذكر, بحيث تحاول تلك الآراء إلقاء المسؤولية على الإخوان المسلمين وتبرئة النظام من المسؤولية عن عشرات الآلاف من الضحايا والمشردين والذين فقدوا الحياة بتطبيقه
استمعت لحوار مطول بين الناطق الرسمي للإخوان المسلمين السابق الأستاذ زهير سالم والدكتور محمود ضغيم (بعثي سابق)
ومجمل اللقاء المطول على قناة المستقلة بين الشخصين , كان الدكتور الضغيم يدافع عن فكرته والتي تدور (على الإخوان المسلمين في سورية حل أنفسهم , وبهذه الطريقة يكون قد فرغ القانون من محتواه وبالتالي يمكن المصالحة مع النظام والعودة إلى سورية)
فلو افترضنا جدلا إمكانية تطبيق الفكرة
فهل يكون ذلك حل واقعي ؟
من الناحية النظرية يمكن
ولكن على أرض الواقع لايمكن ذلك
لأن القانون ذات أثر رجعي , وفي حال عودة عناصر الإخوان السابقين لسورية فسوف يشملهم القانون والنتيجة بعدها
حل الجماعة لنفسها , سيقع آثاره السلبية على الجماعة فقط , بالإضافة لذلك ,يكون براءة لكل الجرائم التي ارتكبت من الطرف الآخر ويتحمل مسؤولية ذلك فقط جماعة الإخوان المسلمين
وعلت أصوات بعض المفكرين من داخل جماعة الإخوان المسلمين , لتنادي بنفس الفكرة وذهبت لأبعد من ذلك
وآخرها كان رسالة مفتوحة لقيادة الإخوان المسلمين في سورية من طرف الدكتور محمد حوى , نجل الشيخ سعيد حوى رحمه الله
يدعو فيها قيادة الجماعة أن تكون جريئة في تحمل المسؤولية عن الحقبة الماضية ومحاسبة الذات والتي تحتاج لشجاعة قوية , في أن تحل نفسها وتعي حقيقة الساعين لحل الأزمة بين الجماعة والنظام , في العودة لسورية أفرادا وليس جماعات تحت عنوان أي مفاوضات وإنما يتم ذلك من خلال مفاوضات فردية للحصول على وطن دائم للمبعدين عن الأراضي السورية تحت اسم المواطنة وليس تحت اسم أي تنظيم
لو ناقشنا الرأيين :
الرأي الأول لمفكر من خارج جماعة الإخوان المسلمين
والرأي الثاني من كيانات التنظيم
يلتقي الرأيان على حل الجماعة لنفسها
ولكن لو قلنا أن تلك الفكرة صائبة , وهي منقذة لمآسي كبيرة على المستوى العام والخاص للمجتمع السوري
هذه الفكرة طرحت أصلا من عناصر معارضة للنظام السوري , والسؤال الذي يطرح نفسه هنا:
ماهو موقف النظام المفترض في حال تطبيق الفكرة تلك , أو تطبيق مشروع الدكتور محمد حوى ؟
النظام السوري لايعترف بوجود معارضة
وما العناصر التي تدعي وتقول عن نفسها معارضة , إن هم إلا حِفنة من المجرمين والقتلة والعناصر الخارجة عن القانون , وعملاء لأمريكا وإسرائيل
وسورية دولة ممانعة وتقف ضد المشروع الصهيوني الإمبريالي , فعودة هؤلاء للوطن تحت أي مسمى , ماهم إلا جواسيس وعملاء ويجب التخلص منهم
وبقاؤهم في الخارج أسلم , ولا نحتاج لعمالتهم وخياناتهم , والذي يأتي سوف يكون تحت رحمة القانون
وهذا ماعبر عنه الرئيس بشار الأسد في لقاء تلفزيوني , عندما سأله المذيع
هل يمكن أن نر عودة للمعارضة من خلال عفو يصدر من قبلكم
فقال يوجد قانون هو الذي يحدد , وهو الفاصل بين الطرفين ولست أنا
حول ماطرح أعلاه
هل مشاكل سورية تنحصر في عودة الإخوان كأفراد إلى سورية؟
وهل إذا حل الإخوان أنفسهم حلت قضايا المفقودين والمعتقلين على أساس إضعاف شعور الأمة؟
فليست المشكلة في حل الإخوان أنفسهم
وليست المشكلة محصورة في المشردين فقط
وإنما المشكلة الكبيرة
في الحرية والعدل والمساواة
المشكلة في الفساد وقانون الطواريء وتعدد هويات الأمن
المشكلة في الدستور السوري كله
فالبحث عن حل جزئي وغير معترف به من الطرف الآخر
ماهو إلا جهد يضيع مع قوانين ماأنزل الله بها من سلطان في سورية
وكان الأولى للمفكرين والأساتذة الأفاضل البحث عن حل جذري ليعم على المجتمع السوري ككل
لا أن نبحث عن حلول تصب في خانة الملك والظلم والإستبداد والفساد